صيدا ــ خالد الغربي
على رغم انتهاء الإضراب وعودة الحياة التجارية الى طبيعتها في صيدا، بقي التشنج سيد الموقف في المدينة التي بات من شبه المؤكد أن يوم الثلاثاء أعاد إليها «حيويتها» في انقسامها السياسي، ما يؤسس لمرحلة جديدة، وخصوصاً أن رئيس التنظيم الشعبي الناصري النائب أسامة سعد كان قد استبق ذلك بإعلان انتهاء مرحلة عدم الاشتباك السياسي الحاد في المدينة.
الناصريون في المدينة لا يخفون نشوتهم في العودة الى مسقط رأسهم، أي الشارع (ليس بالمعنى السلبي)، ونجاحهم في تنفيذ الإضراب، فهم يستأنسون لمثل هذه «المعارك» التي تتضمن كثيراً من «الأكشن» الديموقراطي. ويؤكد القيادي في التنظيم محمد كرجيه «اننا لسنا من سعى الى التوتير إنما الفريق الآخر»، فيما تجهد الماكينة الحزبية لتيار «المستقبل» في تجميع الأوراق والشروع في تحركات مضادة بدأت بتنظيم حملات وفود مؤيدة للنائبة بهية الحريري واجتماعات تقويمية يجريها التيار في صيدا «بحثاً عن الأعطاب»، علماً أن أوساطاً «مستقبلية» تعتقد بأن جزءاً من الخلل «ذاتي سببه عدم الحنكة في إدارة أمر عمليات يوم الثلاثاء».
وترك الحادث الذي وقع أول من أمس على مدخل حارة صيدا بين تيار «المستقبل» وأبناء من البلدة، وتخلله إطلاق نار من عناصر «المستقبل»، ذيولاً تجهد القيادات المعنية في تذليلها. وتعتبر مصادر سياسية أن الإشكال أخذ منحى خطيراً. وإذ تؤكد المصادر أن مشاكل عدة وقعت سابقاً بين شبان من صيدا وآخرين من الحارة، لكنها كانت دائماً تحمل طابعاً فردياً. بيد أن ما حصل أول من أمس اتخذ طابعاً مذهبياً ومشروع فتنة بين المدينة وقرى الجوار، بعد اندلاع حرب تمزيق وتشويه للصور طاولت صور الرئيس رفيق الحريري في صيدا، وصورة لرئيس مجلس النواب نبيه بري على أطراف مجدليون ــ حارة صيدا عند جادة تحمل اسمه، مع محاولة لوضع صورة عملاقة للرئيس الحريري عند مدخل حارة صيدا.
وتذكّر المصادر بأن الحارة كانت دائماً تعتبر جزءاً من المدينة، حتى إنه وفي ذروة حرب المخيمات بين المنظمات الفلسطينية وحركة «أمل» سعى الجميع الى تحييد الحارة علماً بأن مخيمي عين الحلوة والمية ومية محاذيان لها.
الى ذلك، أصدرت المعارضة الوطنية اللبنانية في صيدا بياناً حيّت فيه الصيداويين «لمشاركتكم في حركة الاحتجاج على سياسات الفريق الحاكم»، واعتبرت مشاركة صيدا في هذه التحركات «تعبيراً عن التزامها مواقفها الرافضة لسياسة الإفقار والتجويع التي تتبعها السلطة (...) وعبّرت عن تمسكها بموقعها عاصمةً للجنوب المقاوم، وعن رفضها للمحاولات المشبوهة الهادفة إلى عزلها عن محيطها من خلال إثارة النعرات الطائفية والمذهبية».