صيدا ــ خالد الغربي
لم تفلح الاتصالات التي جرت على مدى أربعة أشهر في تأمين دخول «سالم» للجيش اللبناني إلى منطقة عين الحلوة.
فقد جرى أمس اشتباك عنيف بين «جند الشام» والجيش حسمه الأخير بعد اتصالات عدّة


لم يتسنّ للجيش اللبناني الدخول إلى «تعمير» صيدا بأمن وسلام، إذ إن الاجتماعات واللقاءات والدعوات المتكررة، لمختلف الفاعليات الصيداوية والفلسطينية، التي كان منالمفترض أن تؤمّن أرضية صالحة لدخوله، المنتظر منذ عام 1991، والمقرر من قرابة أربعة أشهر، لم تفلح في عدم توريطه في اشتباكات سرعان ما افتُعِلَت لحظة وصوله إلى «الزاروب» المفضي إلى مخيم الطوارئ، معقل جند الشام.
فقد بدأ الجيش بالتقدم نحو «التعمير»، بعدما حدد السادسة من صباح أمس ساعة الصفر، في خطوة لم تبلغ عنها معظم القيادات الصيداوية. فيما وضعت القيادات الفلسطينية بصورة ما يجري، لا سيما قائد ميليشيا حركة فتح في لبنان العقيد منير المقدح و«عصبة الأنصار»، المتعهدة بضبط مسلحي «جند الشام» وتسهيل عملية الدخول. تقدُّم الجيش كان عبر ثلاثة محاور: محور حاجز الموصللي، وهو المحور الأساس، ومحور خط السكة، والثالث من ناحية ثانوية الصبيان. وتمكن أكثر من مئة وخمسين جندياً من توفير انتشار هادئ الى حد ما. ودخلت المنطقة 7 ناقلات جند ومدفع محمول من عيار 106. ثم تواترت الأنباء عن قيام «أبو رامز السحمراني»، مع مجموعة تابعة له، بالانتشار والتهديد بوقف العملية. عقد اجتماع على خط السكة حضره مدير فرع مخابرات الجيش في الجنوب العقيد عباس إبراهيم، الذي أمسك ميدانياً بكل خيوط الانتشار، والمقدح وقادة «عصبة الأنصار»، ليعطي بعدها إبراهيم الإذن بدخول الإعلاميين.
وتبيّن أن الجيش وصل إلى بعد ثلاثين متراً من مدخل «مخيم الطوارئ»، فيما تحصن مسلحو «جند الشام» على مسافة قريبة من عناصر الجيش. وظهر السحمراني محاطاً بحراسه الذين طلبوا عدم التصوير. ثم أفلحت المحاولة في إقناعه بالتحدث ليقول: «يريدون الاقتراب أكثر مما كنا قد اتفقنا معهم. كان الاتفاق أن يتموضعوا عند مدرسة النضال، ما الذي أتى بهم؟ لو وجد التنسيق لما كانوا وقعوا بالخطأ. نريد ضمانات للشباب المسلم بعدم التعرض لهم». يغادر بعدما يهمس أحد مرافقيه في أذنه بأن «مسؤول عصبة الأنصار طلبه للتحدث معه».
ثم جرت مشاورات ونقل شروط لتراجع ملالات الجيش مقابل تولّي عصبة الأنصار أمر عناصر «جند الشام». وخلال التفاوض، تعرض الجيش والإعلاميون والناس لوابل من الحجارة، كان خلالها ضباط الجيش يعطون اوامرهم الى العسكريين بعدم إطلاق أية رصاصة. هدأت الامور، وانسحب المسلحون، باستثناء ثلاثة بدا التوتر الشديد عليهم، وأطلقوا تهديدات مع توجيه بنادق وفتح قنبلة. عندها، طلب العقيد عباس إبراهيم وثلاثة ضباط من الإعلاميين المغادرة لأنه طالما «بقيتم هنا فسيستمر هذا المسلح في الاستعراض» على حد تعبير أحدهم.
غادر الإعلاميون، وفي طريق العودة، سُمع رشق ناري كان كفيلاً بفتح اشتباك تخلله تبادل كثيف لإطلاق النار، المصحوب ببعض القذائف الصاروخية. وسقط عدد من الجرحى، عرف منهم حسين الدنب (1974) ومصطفى عفارة. كما تحدثت معلومات عن إصابات في صفوف «جند الشام». غير أن عناصر الجيش اللبناني كانت ترد بعنف على مصادر النار، وهو ما أدى إلى شل قدرة مطلقي النار وحصرِهم تقريباً في قسم من مخيم الطوارئ. وبدا أن الجيش، على الرغم من الوقت المحدود لانتشاره، كان ممسكاً بكل تفصيلات المنطقة. وتدخّل المعنيون لثني عناصر «جند الشام» عن إطلاق النار، وعقد أكثر من اجتماع للجنة المتابعة، فوضعت حداً للاشتباكات وللتوتر الذي تبعها، وبقي الجيش في المناطق التي انتشر فيها. وقد أدت الاشتباكات الى تسجيل نزوح مرتفع باتجاه صيدا، علماً بأن جزءاً من التعمير يبقى حالياً خارج نطاق الشرعية اللبنانية.
وفي تعليق على اشتباك «التعمير»، اعتبر مسؤول حركة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية في لبنان اللواء سلطان ابو العينين في حديث لـ«الأخبار»، أن ما حصل من «اعتداء كبير على الجيش اللبناني في منطقة التعمير امر خطير في هذه المرحلة الحساسة التي يمر فيها لبنان»، مشيراً الى «خطة امنية سوف تعتمدها المنظمة لإنهاء كل المظاهر التي تؤدي الى حالة التوتر».
كما دانت اللجان الشعبية الفلسطينية في مخيمات صور «حادث الاعتداء الاجرامي من جانب جند الشام على الجيش اللبناني».