حسن عليق
أصحاب الثأر المستسقى يومياً يشيعون ضحاياهم، والجرحى يُداوون، ولبنانيون يشحذون أسلحتهم تمهيداً لجولة جديدة من حروبنا الصغيرة. هل من المطلوب أن نخيف الناس؟. نعم، علينا أن نخاف، فالقناصة على السطوح، وفي الشوارع «طابور خامس» يحمل عناصره السلاح ويطلقون النار على «الطرف الآخر». وبينهم أناس مجهولون، قد لا يملك أحدهم مالاً ليشتري سيارة بدل المحروقة أو المكسور زجاجها، أو رجل من المحطمة محلاتهم لا عوض له عن مصدر رزقه الذي كان يسد به رمق أطفاله.
بدأت الاشتباكات يوم الثلاثاء الماضي. والتعديات الأبرز على الأملاك الخاصة كانت على سيارات في المناطق الساحلية الممتدة من البترون إلى المتن الجنوبي. فقد تعرض ما يزيد على 117 سيارة للاعتداء، 4 منها محطمة بالكامل. العدد الأكبر من السيارات المعتدى عليها كان في منطقة المتن الشمالي، حيث سجل ما يزيد على 79 سيارة تعرضت للاعتداء.
بالمقابل، وفي اليوم ذاته، أحرق المتظاهرون والمعتصمون من قوى المعارضة عدداً كبيراً من السيارات استقدموها بواسطة رافعات. وفي هذا الإطار، علمت «الاخبار» أن عناصر من حزب الله قاموا ليل الاثنين ــــ الثلاثاء بتحميل عدد من السيارات على رافعات في منطقة الغبيري، وأن حزب الله أنفق مبلغ 10000 دولار أميركي لشراء سيارات من محلات «كسر» السيارات لإحراقها. وفي تضارب للمعلومات المتناقلة ورد أن بعض السيارات التي استعملت كانت لعناصر سابقين من ميليشيا عملاء لحد، وهي من «غنائم» تحرير عام 2000. إضافة إلى ذلك، «تبرع» أربعة من مناصري التيار الوطني الحر بسياراتهم القديمة وعمدوا إلى قطع الطرقات من خلال إحراقها.
بعد الإضراب، ليل الثلاثاء ـــ الأربعاء، تعرض عدد من المحال التجارية الملتزمة الإضراب في شارع عفيف الطيبي في بيروت للاعتداء وإلصاق بيانات تهديدية على أبوابها.
أما أول من أمس، فالجولة كانت في الطريق الجديدة، أحد تجمعات البؤس المنتشرة داخل العاصمة. وقد أدى الاشتباك بين مناصري المعارضة والموالاة إلى عدد من الجرحى فاق المئتين، أما القتلى فأربعة، فيما لم يتم إحصاء الأضرار المادية بالكامل بعد. لكن علمت «الأخبار» أن عدد السيارات التي جرى التعدي عليها فاق 155 سيارة، منها 8 سيارات محترقة بالكامل، وعدد كبير منها محطم تحطيماً كاملاً.
في هذا المجال، لا بد من الإشارة إلى محالّ تجارية أحرقت في محلة صبرا عند بداية تحرك المعارضة مطلع الشهر الأخير من العام الفائت. وقد ادّعى أصحابها امام القضاء ضد مجهولين. مع العلم أن بعض المتضررين ذكروا في التحقيق لدى قوى الأمن الداخلي أسماء بعض المتهمين بإحراق محالهم. وذكر أحدهم لـ«الأخبار» أن القوى الأمنية «اعتقلت أحد المتهمين يوم الاثنين الماضي، لكنها عادت وأفرجت عنه لتدخلات سياسية».
إذا صحّت هذه المعلومات، فهل يمكن ان يتم التعاطي مع هذه التعديات على الأملاك الخاصة بطريقة سياسية تؤدي إلى تجهيل الفاعلين وترك أمن الناس عرضة لبعض المتهورين والموتورين؟