يقمع» طلاب الجامعات الخاصة إحساسهم بـ«الثأر»، فيستبدلونه بالحذر والترقّب ريثما يصل أطراف الخارج إلى تسوية «عادلة»، فيما تعمد جامعاتهم إلى تحييدهم عمّا يجري خارج أسوارها باعتمادها سياسة «مواثيق الشرف» و«التدابير الأمنيّة المشدّدة». وبينما تستأنف معظم الجامعات نشاطها التعليمي، فوجئ طلاب جامعة البلمند صباح أمس بشعارات من نوع «يا سعد يا عينينا، سلّحنا والباقي علينا، الحكومة باقية باقية، جيش المستقبل للدفاع عن لبنان...»، وبشتائم مذهبية وأخرى تطال قادة المعارضة على جدران كليتهم. الشعارات لم تستفز قوى المعارضة الطالبية التي دعت طلابها إلى التحلي بالهدوء التام كما قال مندوب التيار الوطني الحرّ في الجامعة يامن العكرة. العكرة تساءل عن كيفية دخول هذا «المجهول إلى الحرم الجامعي والتجول براحةٍ تامة، وكتابة ما يشاء على الجدران من دون أي ردة فعل من جانب رجال الأمن. كما أجمعت غالبية القوى على تحميل إدارة الجامعة مسؤولية ما حصل خصوصاً «أنه تم حرق شجرة الميلاد للقوات اللبنانية العام الماضي» بحسب مسؤول تيار المستقبل أدهم مرعي، الذي أضاف: «نشكر قوى المعارضة على ردة فعلها، وهذه التصرفات بعيدة عنّا». وصدر بيان عن التيار أدان الحادث، وحمّل المسؤولية «لعنصر ميليشياوي مدسوس لخلق الفوضى في الجامعة». بدورها، استنكرت إدارة الجامعة الحادث، وطالبت القوى الأمنية بإجراء تحقيق سريع لمحاسبة المسؤولين.
ويعود طلّاب جامعة الحكمة عقب أحداث «اليوم الدامي» الذي انطلق من حرمهم، وفي جعبتهم الكثير من الحذر والترقّب، فلغة «التهديد» ما تزال سارية المفعول رغم التطمينات «الإداريّة» والتدابير الأمنيّة التي «تزنّر» الجامعة منذ ما بعد الحادث. أما إدارياً، فبدت الأجواء طبيعيّة و«مشجّعة جدّاً». فقد اقتصرت أضرار الأحداث على تعديل بعض أوقات الامتحانات، وكانت الأجواء الطالبيّة «كالنار تحت الرماد» رغم نفي الكثيرين ذلك. وفيما يستأنف الطلّاب امتحاناتهم «بشكل طبيعي»، كانت الأخبار تتواتر إلى بعض الأطراف بأنّ «الطرف الآخر ناوي على مشكل». لم يجد أحد الطلّاب «المهدّدين» في التهدئة سبيلاً للحل وبادر بالردّ على التهديد بالتهديد «فإذا كانوا ناويين أنا ناطر، بس يحدّدوا وين...لأنّه بالجامعة لن يقدروا في ظل التدابير الأمنيّة». نفى الطرف «المهدّد» ما نسب إليه، مشيراً إلى أنّ كلّ طرف يحوي «عناصر غير منضبطة تحاول دائماً إثارة المشاكل، ثمّ إنّنا اتصلنا برفاقنا واتفقنا على أنّنا طلّاب لا يجوز أن نتأثّر بما يجري في الخارج من مناكفات».
وفي جامعة سيّدة اللويزة (NDU) مرّ اليوم الأوّل هادئاً، على الرغم من التخوّف الذي يبديه البعض من الأيّام المقبلة «ما لم تحصل تسوية سياسية»، لكن إلى ذلك اليوم الذي يحمل معه «الحل»، يكثّف الطلّاب حضورهم داخل قاعات الدراسة لمراجعة ما ينقصهم قبل يومين من الامتحانات. وفيما آثر الأساتذة تأجيل الامتحانات إلى ما بعد الإثنين ريثما تتوضّح الأمور، أصرّت الجامعة على إتمامها في موعدها إفساحاً في المجال أمام الطلّاب للتحضير للفصل المقبل.
ويحول ميثاق الشرف الشفهي بين القوى الطالبية في الجامعة اللبنانية ــ الأميركية دون انفجار الاحتقان. يخترق الارتباك الحركة شبه الطبيعية للطلاب الذين يستعدّون لامتحانات نهاية الفصل الأول. فاليوم الجامعي بدأ بالنظرات «الاتهامية» التي سرعان ما تبدّدت لانهماك الطلاب بالامتحانات والتسجيل للفصل المقبل. ومع ذلك فهم لم يخفوا قلقهم على مصير السنة الدراسية، وخصوصاً أنّ بعض المسابقات أرجئت، فيما اضطر بعض الطلاب لتقديم مشاريعهم من دون مراجعة الأستاذ المشرف. فالخميس الماضي يشبه «يوم القيامة» على حد تعبير إحدى الطالبات. وتنتظر طالبة أخرى 15الشهر الجاري، فقد نُمي إليها أنّه سيكون الموعد الذي ستتجدد فيه «الاشتباكات». وفيما لم تكن نسبة التغيب ملحوظة، أوعزت بعض القوى إلى طلابها بعدم الذهاب حتى نهاية الأسبوع الجاري، بانتظار مزيد من الترقب للأوضاع.
«هنا نعيش في عالم آخر»، توصيف يصلح إطلاقه على طلاب الجامعة الأميركية في بيروت الذين يتعاطون السياسة ضمن مجموعات حوارية صغيرة، فهم يؤمنون بأنّ أرض الجامعة مكان للنقاش السياسي لا للعمل العدائي. لكن يبدو أنّ الأحداث الماضية لم تمر مرور الكرام، فالتشنج لم يغب عن حوارات الطلاب. وأحدث «نكتة» باتت مراقبة «أسطح» المباني المجاورة لترصد «القناصة». أما التزام الحضور إلى الجامعة أمس، فكان كاملاً إذ ليس هناك من خيار آخر، بعدما أوشكت الامتحانات على الانتهاء. يثني الطلاب على تعاون الإدارة معهم لتخطي الأزمة، فيما بعث عميد شؤون الطلاب مارون كسرواني برسالة شكر إلى جميع الطلاب للمثال الذي قدموه رغم الظروف المحيطة. يذكر أنّه تم تمديد الامتحانات إلى 5 شباط المقبل، على أن يبدأ الفصل الجديد في 12 شباط.
في معهد الإدارة والكومبيوتر الجامعي (BCU)، تعليمات إدارية مشددة لتسجيل الحضور طبيعياً وإبقاء الامتحانات في مواعيدها، حرصاً على تحييد الجامعة عن الجو السياسي المشحون. أما الطلاب فبدوا منقسمين إلى ثلاث فئات، منهم من حضر وقد انتابه الملل من الوضع القائم فقرر إجراء الامتحانات من دون متابعة «الصفوف»، وفئة ثانية وقفت على الحياد مما يجري ورأت أنّ الجامعة مكان للدرس والتحصيل ولا يحتمل «المستقبل» أي مغامرة «فليتركنا الزعماء وشأننا نعيش بهدوء وسلام». أما الفئة الثالثة فينتمي إليها الطلاب الذين أظهروا تشنجاً واضحاً إذ بدا بعضهم يتربص بالآخر على خطأ ما يرتكبه، وطالب هؤلاء بتسوية إعلامية «فالإعلام يولّع البلد أكثر من السياسة». ويبلغ الهدوء أشده في المعهد الأميركي الجامعي للعلوم والتكنولوجيا (AUST)، فالحديث في السياسة ممنوع و«هيك أحسن» كما يقول الطلاب.
(الأخبار)