نعمت بدر الدين
أثارت مواقف قيادات «14 آذار» بالإصرار على التمسك بالسلطـــــــــة مهما بلغ حجم التحرك الشعبي أكثــــــــــر من علامة استفهام، لما قد يكون لذلك من انعكاس خطير على الاستقرار نتيجة تمادي السلطة في الإصرار على عدم الرضوخ للإرادة الشعبيــــــــة والوطنيـــــــة الواسعــــــــة، وهو ما دفع أكـــــــــثر من مراقب إلى نتيجـــــــــــة مفادها أن قرار استقـــــــــــالة حكومــــــــة الرئيس فؤاد السنيورة ليس في يدها بل في يد الإدارة الأميركية.
جهات دبلوماسية أوروبية ترى أن موقف قوى «14 آذار» ينسجم مع التزاماتها الدولية، إذ «إن الجميع يعرفون أن حكومة السنيورة باقية بإرادة أميركية ــ فرنسية، وهي جزء من عملية الضغط الهائلة التي تمارسها الإدارة الأميركية على شعوب المنطقة لإمرار مشاريعها في المنطقة».
ويرى مصدر دبلوماسي عربي رفيع أن على اللبنانيين «أن يقتنعوا نهائياً بأن ما يجري في بلادهم، في جزء كبير منه، صراع حاد بين المشروع الأميركي والقوى المواجهة له، وهذا يسهّل فهم التطورات الحالية واللاحقة، ويعطي تفسيرات للدعم الذي تتلقاه الحكومة من عدد من العواصم الغربية والعربية التي تتعاون في ما بينها على إيقاع السياسة الأميركية في المنطقة».
وفي هذا المجال يتحدد دور حكومة السنيورة بكونه جزءاًً من كل، وهو يرتبط بالنقـاش الدائــــــر في الولايات المتحدة حول السياسات الواجـب اتباعها بعد اعتراض الشعب الأميركي، من خلال انتخابات الكونغرس، على السياسة المعتمدة في العراق، وإذا ما كانت إعادة في السياسة الأميركية ستنتهي إلى تجديد الهجمة على إيران وسوريا أو إلى اعتماد سياسة السعي إلى التفاهم معهما.
في انتظار ذلك تراهن حكومة السنيورة وقوى 14 آذار على عامل الوقت، وهي تلقت دفعاً كبيراً، بحسب اعتقادها، من المساعي التي يبذلها الملك الاردني عبد الله الثاني باسم مجموعة دول الاعتدال العربي مع الرئيس الاميركي جورج بوش لإقناعه بدعم الحكومات الصديقة لواشنطن من خلال إعادة التركيز على القضية الفلسطينية وتحريك المسار الإسرائيلي ــ الفلسطيني.
ويعتقد المصدر الدبلوماسي العربي بأن جوهر التحرك الكثيف الذي أطلقته عمّان هو «سحب البساط من تحت أقدام قوى التطرف، من خلال إقناع واشنطن بتسليح معسكر الاعتدال بحلول لأزمات المنطقة، وهي تعطي بذلك أملاً إضافياً لحكومة السنيورة التي يجري تسويقها وتقديمها، إقليمياً ودولياً، باعتبارها ناشطة في تطويق حزب الله «المتطرف» وخصوصاً أن بعض أركانها وأركان قوى «14 آذار» يوصون بإمكان نجاحهم في ذلك.
إذا اقتنعت واشنطن من أصدقائها العرب وقررت عدم التفاهم مع إيران وسوريا بشأن العراق وفلسطين، يمكن القول إن السنيورة سيشدد قبضته على السلطة، وفي انتظار ذلك، يؤكد المصدر الدبلوماسي أن جَلَد السنيورة سيبقيه في السرايا ما لم يحصل تطور دراماتيكي.