أبدى أمس طلاب الجامعات اللبنانية حرصهم على الحضور إلى قاعات الدراسة كما إلى الساحات، في اليوم الدراسي الأول بعد انطلاق اعتصام المعارضة في وسط بيروت. وبدا أنّ الحدث لم يؤثر في حسن سير العملية التعليمية إلاّ في بعض كليات الجامعة اللبنانية حيث لم تنتظم السنة الدراسية بعد، وفي ظل دعوة بعض مجالس طلاب الفروع الأولى إلى المشاركة في نشاطات الخيم التي نصبتها المنظمات الطالبية في ساحتي الشهداء ورياض الصلح.أما في الجامعات الخاصة فقد التزم الطلاب القرار الإداري بحضور المقررات، واعتمدوا مبدأ المناوبة في الاعتصام. وفي المقابل، تفاوت تفاعل الإدارات مع الحدث فبعضها حاول الأخذ بعين الاعتبار الظروف الدقيقة التي يمر بها الوطن كما فعلت الجامعة الأميركية في بيروت حين أرجأت في اليوم الأول للاعتصام بعض الامتحانات، وتغاضى الأساتذة عن تسجيل الحضور في بعض المواد. إلاّ أنّ تجاوز الغياب الـ10% من الأرصدة يهدد صاحبه بالرسوب في المقرر، ما يعني أنّ المراعاة لن تستمر، فيما لو طال أمد الاعتصام. من هنا يقول الطالب في الـ «AUB» أحمد داغر «إننا القوى الطلابية المعارضة في الجامعة نسير وفق برنامج معيّن للمشاركة، بحيث نتناوب في ساحتي الاعتصام والخيمة التي نصبناها باسم الجامعة، فيما نلتزم حضور مقرراتنا، لأنّ الأساتذة الذين تعاونوا معنا الجمعة الماضي لن يتعاونوا طويلاً». ولا يستبعد داغر أنّ تؤثر المشاركة الليلية في الاعتصام في التحصيل، و«خصوصاً أنّ لدينا امتحانات في هذه الفترة».
وتقف جامعة القديس يوسف موقف المتسامح من الطلّاب المشاركين في الاعتصام المفتوح تماشياً مع مبدأ الديموقراطية الذي تنتهجه الإدارة في تعاملها مع الأحداث. وفي هذا الإطار، اتّخذ رئيس الجامعة الأب رينيه شاموسي قراراً يقضي بعدم إدراج أسماء الطلّاب المشاركين في التظاهرات المفتوحة في وسط بيروت في لائحة المتغيّبين، ويقضي من جهة ثانية بمنع التجمّعات «الحزبية والسياسية في فروع الجامعة كافّةً منعاً للتصادم بين طلّاب الطرفين الموالي والمعارض» من دون أن يمنعهم من المشاركة.
وأجمع الطلّاب على أهميّة القرار الذي تنتهجه الجامعة في تعاملها «مع شريحة كبيرة معارضة تحتلّ مركزاً مهماً داخل فروعها»، وأبدى رئيس الهيئة الطالبية في كلّية العلوم السياسية إيلي قليموس تأييد «الطلّاب المطلق للقرار والتزامهم إياه إلى نهاية الدوام المقرّر وبعدها يقرّر الطالب الذهاب أو عدمه».
وفي حرم العلوم الإنسانية، أشارت عضو الهيئة الطالبية ديانا فرانسيس إلى أنّ «نسبة المشاركة في الحصص الدراسية تراجعت عمّا كانت عليه قبل فترة الاعتصامات»، عازية السبب إلى «كثافة الطلّاب المنتمين إلى أحزاب المعارضة في حرم الإنسانيّة»، فيما بدت الأوضاع أكثر هدوءاً في حرم الطبّية والتزم الطلّاب دوامهم العادي لدرجة يصعب معها المقارنة مع غيرها من الفروع سواء في ما يتعلّق بالأعداد أو بكثافة المشاركة في المحاضرات، ولكن هذا لم يمنع البعض من فرصة المشاركة، إذ تشير فاطمة عسيلي (طالبة في قسم العلاج الفيزيائي) إلى أنّ «الحركة تبدأ بالتصاعد بعد الانتهاء من الدوام وقد تصل النسبة إلى أكثر من النصف».
وكذلك الأمر في الجامعة اللبنانيّة الأميركيّة «LAU» التي التزم طلّابها المشاركة الفاعلة في «قاعات التدريس وفي الساحة معاً»، ولكن «كلّ في وقته»، بحسب ما يلفت مسؤول التيّار الوطني الحر في حرم جبيل رمزي ديب، مع الإشارة إلى أنّ أعداد «الحاضرين في الجامعة ينخفض يوماً عن آخر ليصل في بعضها إلى ما دون النصف».
وانتظمت الدراسة في شكل طبيعي في جامعة بيروت العربية ليصل الحضور في بعض المقررات إلى 70%، حتى إنّ الجامعة حرصت، كما يقول مدير مكتب رئيس الجامعة نبيل خليفة، على إدخال 70 طالباً حضروا أمس ببطاقاتهم القديمة.
وفي الجامعة اللبنانية، يختلف الوضع شكلاً ومضموناً وقد يصل في بعضها إلى حدّ التعليق «المفتوح» للدروس، ففي كلّية الإعلام والتوثيق ــ الفرع الأول تقفل الباصات المدخل الرئيسي للجامعة لنقل الطلّاب إلى ساحة الاعتصام، إذ يخرج من الجامعة يوميّاً ما يقارب عشرة «باصات»، وبسبب هذا الوضع اتّخذ مجلس فرع الطلّاب في الجامعة قراراً يقضي «بعدم إلزام الطلّاب بالحضور وحثّهم على المشاركة الفاعلة في الاعتصام المفتوح»، ويشير رئيس المجلس طه حسين إلى أنّ «مدير الفرع الدكتور عماد بشير وافق مبدئياً على القرار الذي اتّخذه المجلس لكون الوضع السياسي يحتّم علينا المشاركة في الساحة».
وفي كلية الآداب والعلوم الإنسانية، دعا مجلس فرع الطلاب إلى المشاركة في الخيم الثلاث التي خصصت للكلية في الساحات، فلبّى معظم الطلاب الدعوة فيما بدا الحضور خجولاً في الجامعة. يذكر أنه أُجّلت امتحانات الدخول إلى الدراسات العليا إلى السبت المقبل، بعدما كانت مقررة السبت الماضي، ومن المرجح إرجاؤها مجدداً، كما يقول رئيس مجلس فرع الطلاب عباس قطايا.
ويواجه طلّاب كلّية الصحّة العامّة مشكلة في التنسيق بين دوام الدراسة والمشاركة، ويرجع رئيس مجلس الفرع حسام ياسين السبب إلى «وجود مادّة التدريب التي تحتّم علينا الحضور الدائم في المؤسّسات، إضافة إلى بدء الامتحانات».
ويحرص طلاب كلية إدارة الأعمال والعلوم الاقتصادية، كما يؤكد رئيس مجلس الطلاب محمد الموسوي، على انطلاقة جيدة للسنة الدراسية التي تنتظم اليوم، لذا يتجنّبون قدر المستطاع تعليق الدروس، ويحاولون التناوب في وسط بيروت، فمنهم من يشارك قبل الظهر ومنهم بعده، إلا في حال حدوث أمر استثنائي أكبر منهم ومن الكلية، على حد تعبير الموسوي.
وشهد حرما كليتي الحقوق والعلوم السياسية إقبالاً ملحوظاً وإن توزع الطلاب بين القاعات والساحات.
(الأخبار)