تعقيباً على التحقيق الذي نشرته «الأخبار» بتاريخ 26/9/2006 حول عمل وزارة الشؤون الاجتماعية، جاءنا ردّ من المكتب الإعلامي للوزيرة نائلة معوض، هنا نصّه:«يأتي التحقيق الذي نشرته جريدتكم الغراء في العدد 38 تاريخ 26 أيلول 2006 تحت عنوان «وزيرة الشؤون الاجتماعية تلغي وزارتها» في إطار حملة التشويه للنيل من صدقية وزيرة الشؤون الاجتماعية السيدة نائلة معوض، وذلك على خلفية الخلاف السيادي القائم حالياً في البلاد.

  • أمّا في الوقائع:

    أولاً: حول «كشف إحدى كبيرات الموظفات أن موازنة الوزارة انخفض من 14 مليار الى أربعة مليارات من دون اعتراض الوزيرة». الحقيقة هي ان من اقترح خفض موازنة الوزارة هو الوزير الأسبق الياس سابا في حكومة الرئيس عمر كرامي آنذاك أي في بداية عام 2005 من مئة وثمانية مليارات ليرة لبنانية الى 54 مليار ليرة لبنانية. والوزيرة معوض عند تسلّمها حقيبة وزارة الشؤون الاجتماعية في العام عينه خاضت معركة قاسية ونجحت في إعادة رفع موازنة هذه الوزارة الى سبعة وثمانين مليار ليرة لبنانية في موازنة عام 2005. فكان الأجدى بالحريص على موازنة الوزارة ان يهاجم الذي اقترح خفض هذه الموازنة لا من بادر الى رفعها. وهنا نتساءل من تكون هذه «الموظفة الكبيرة»، كما يصفها المقال، التي تجهل ان موازنة الوزارة ليست أربعة مليارات ليرة لبنانية بل سبعة وثمانون مليار ليرة.
    ثانياً: حول الادعاء «وفقاً لأحد كبار الموظفين، أنه كان هناك سببان رئيسيان لتغييب الوزارة خلال العدوان الاسرائيلي: الأول ان الوزارة محسوبة على الطائفة الشيعية، والثاني ان ثمة قراراً بتقديم أقل قدر ممكن من المساعدة للنازحين بهدف تأليبهم على حزب الله»، إن هذا الكلام بعيد كل البعد عن قناعات الوزيرة معوض، أما الحقيقة فهي أنه بعد الأيام الأولى للعدوان الاسرائيلي رأت الوزيرة معوض أن وزارة الشؤون الاجتماعية غير قادرة وحدها بهيكليتها الحالية على إدارة شؤون مليون نازح تقريباً، وهذا يعود الى تراكمات عديدة أبرزها ان هذ الوزارة منذ إنشائها عام 1994 اعتبرت وزارة محسوبيات بدلاً من وزارة للشؤون الاجتماعية. وفي الوقائع ان ملاك الإدارة العامة لوزارة الشؤون الاجتماعية الذي يفترض ان يكون عدد الموظفين فيه من مختلف الفئات 470 موظفاً، لا يوجد منهم فيه حالياً إلا مئة وسبعة موظفين لم يداوم منهم في حرب تموز إلا 44 موظفاً لأسباب مبررة لدى البعض. أما المتبقي فوظائف شاغرة ومنها أساسية كالمدير العام بالأصالة والمديريتين الأساسيتين للخدمات والتنمية وخمسة رؤساء مصالح من أصل عشرة. انطلاقاً من هذا الواقع الذي عرضته الوزيرة معوض في اجتماع وزاري مخصص للإغاثة، تم التوافق على مركزية إدارة إغاثة شؤون النازحين وحصرها بالهيئة العليا للإغاثة على ان يكلف الجيش اللبناني بتوزيع المساعدات على القائمقامين والبلديات، مع التأكيد ان القرار المذكور اتخذ بوجود وزارء حزب الله وحركة أمل وبموافقتهم.
    وهنا السؤال: هل هؤلاء الوزراء كانوا متواطئين على الطائفة الشيعية الكريمة في تبنّي تلك الاستراتيجيا المزعومة التي يتكلم عليها التحقيق؟
    ثالثاً: حول سبب «الإبعاد المزعوم للموظفين بهدف تحويل الوزارة الى ساعي بريد بين مؤسسات الدولة والحزب التقدمي الاشتراكي... وان المواد الغذائية كانت تحمّل في المخازن وتنطلق العربات. لكن سرعان ما تنحرف عن اتجاهها لإفراغ البضائع في مكان آخر...». فالحقيقة هي وبكل بساطة ان الوزارة لم تكن تتسلم وبالتالي لم تكن توزع أية مساعدات غذائية. وهنا نتمنى بل نطالب من يمتلك معلومات عن مثل هذه الاتهامات الباطلة ان يتقدم بمعلوماته الى النيابة العامة، ونحن جاهزون للمحاسبة والمساءلة.
    رابعاً: حول الاتهام بأن الوزيرة معوض تتحكم بالوزارة عبر «مستشارين» وبأنها تبعد الموظفين بهدف «تمرير مشروع التعاقد الوظيفي وخصوصاً أن جميع موظفي الوزارة معينون عبر مركز الخدمة المدنية». فالحقيقة ان من أصل 1620 موظفاً ومستخدماً في الوزارة وفي كل المراكز التابعة لها والمشاريع المنبثقة عنها، هناك فقط 102 موظف معينون عبر مجلس الخدمة المدنية ــ وليس «مركز الخدمة المدنية» كما ذكر في التحقيق ــ أي إن نسبة 93,7% من الموظفين هم متعاقدون وعينوا بمجرد محضر مصدّق من الوزير المختص من دون أي معايير، ما يؤكد استشراء الزبائنية والمحسوبية التي كانت تدار بها أحوال الوزارة وشوؤنها. أما تعيين مستشارين في الوزارات، فهو يدخل في صلب صلاحيات كل وزير. والوزيرة معوض أتت لتحكم وتصلح وتغيّر، «شاءت بعض القوى السياسية أو أبت».
    خامساً: حول القول إن «جميع موظفي الوزارة باستثناء قرابة ستة موظفين اعتكفوا طوال الحرب في مكاتبهم».
    فالحقيقة هي انه، وعطفاً على الفقرة «ثانياً»، لم يداوم طوال أيام الحرب في الادارة المركزية إلا حوالى 44 موظفاً عملوا بكل جدية ومسؤولية. فهل المقصود من هذا الادعاء الكاذب محاولة إثارة الموظفين للتمرد على الدولة كما هو حاصل في غير وزارة بهدف تدمير هذه الدولة والانقلاب عليها؟
    سادساً: حول الاتهام بأن الوزيرة معوض «وزعت المشاريع بطريقة مخالفة لمبدأ الإنماء المتوازن» بإعطائها 50% من المشاريع للشمال، فالجواب أن الشمال، ووفقاً لخريطة الفقر للأمم المتحدة هو أكثر المناطق حرماناً في لبنان، يحوي 41,5% من مجمل نسبة توزع الفقراء جداً في لبنان يليه جبل لبنان (ضواحي بيروت) بنسبة 20% والبقاع بنسبة 17% وفقاً لأرقام برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وقضاء زغرتا ــ الزاوية بالذات هو سابع أفقر قضاء في لبنان. فهل يعقل ألّا تستفيد هذه المنطقة على سبيل المثال في السنوات الست الماضية إلا من تسعة مشاريع من أصل 700 مشروع إنمائي نفذته الوزارة في هذه الحقبة؟ وهنا نؤكد ان إعادة الحق للشمال بالإنماء هو في صلب الإنماء المتوازن وليس العكس، علماً بأن الوزيرة معوض أعادت إحياء التوازن على ثلاث سنوات في المشاريع قيد التنفيذ.
    وهنا يهمنا ان نؤكد ان المشاريع قيد التنفيذ حالياً هي 259 مشروعاً في كل المناطق اللبنانية بقيمة إجمالية تبلغ 3,250,000,000 ليرة لبنانية من بينها 63 مشروعاً في منطقة البقاع معظمها في بعلبك ــ الهرمل و52 في شمال لبنان والبقية موزعة على كل المحافظات. وتؤكد المراسلات بتاريخ 30/9/2006 و5/7/2006 المرفقة ربطاً من قبل وزيرة الشؤون الاجتماعية الى وزارة المال، أهمية المشاريع قيد التنفيذ ولا سيما في منطقة بعلبك الهرمل التي كان وزير المال الأسبق (أي الوزير الياس سابا في حكومة الرئيس كرامي) قد طلب تجميدها مشترطاً موافقته المسبقة قبل تنفيذ أي من هذه المشاريع.
    سابعاً: حول الاتهام الذي ينسبه التحقيق الى إحدى الموظفات «وان العقود توزع في وزارة الشؤون الاجتماعية... من دون التزام المعايير والشروط». فالحقيقة اننا نوافق على ما ورد في جريدة الأخبار حول هذا الموضوع بالذات. فالكثير من المشاريع تعطى لجمعيات من دون التزام المعايير والشروط، وهذا ما أعلنته وأكدته الوزيرة معوض منذ تسلمها حقيبة وزارة الشؤون الاجتماعية. غير ان هذا الواقع ليس من فعل الوزيرة معوض بل هو موروث من زمن «مصلحة الإنعاش الاجتماعي» أي قبل إنشاء وزارة الشؤون الاجتماعية. ولم تشأ الوزيرة معوض إجراء أية تعديلات أو تغييرات جذرية في العقود قبل وضع المعايير العلمية والشفافة، وذلك لكي لا يتهمها أحد بالاستنسابية. وكانت الوزيرة معوض قد كلفت قبل أشهر لجان تنظيم متخصصة بالتعاون مع القطاع الأهلي لتأكيد المعايير العلمية المقترحة من شركة استشارية متخصصة كلّفها البنك الدولي لمساعدة الوزارة على تنظيم العلاقة التعاقدية مع الجمعيات الأهلية.
    ثامناً: إبراز أحد الموظفين «وثيقة تشير الى عقد تعاقد باسم الوزارة، وقّعته الوزيرة أخيراً مع ابنة أختها، رئيسة جمعية المساعدات الاجتماعية في زغرتا»، إن هذا الخبر كاذب وعار عن الصحة، والحقيقة هي أنه لا ابنة أخت للوزيرة معوض في جمعية المساعدات الاجتماعية في زغرتا التي يرأسها اليوم الأستاذ نبيل معوض، والجمعية المذكورة متعاقدة مع الوزارة منذ إنشائها عام 1969 أي قبل نحو 35 سنة من تسلم الوزيرة معوض حقيبة وزارة الشؤون الاجتماعية.
    طبعاً هناك افتراءات أخرى لا تستأهل الرد أو التعليق عليها. آملين ان تكون جريدتكم الغراء أكثر موضوعية في التعاطي مع أداء وزارة الشؤون الاجتماعية.




    سابقة

    بتاريخ 30-11-2006، أصدر قاضي الأمور المستعجلة في بيروت (الرئيسة زلفا الحسن) قراراً بإلزام جريدة الأخبار نشر الرد الصادر عن الوزيرة نايلة معوّض مع حذف بعض مقاطعه المهينة للجريدة أو التي تتضمن مواقف سياسية. هذا مع العلم أن المحكمة كانت قد كلّفت في قرار سابق السيدة معوض تقديم رد جديد يخلو من هذه العبارات الا أن هذه الأخيرة رفضت الإذعان لهذا التكليف. والواقع أن القرار المذكور إنما يتضمن تناقضاً لافتاً، فهو اذ يؤكد أحقية الجريدة بعدم نشر الرد «المخالف» لقانون المطبوعات، فإنه يتطوع في الوقت نفسه لتصحيح هذه الأخطاء بالنيابة عن صاحبة المصلحة التي ـــ هي ــ بقيت متشبثة بمخالفة القانون. وتبعاً لذلك، فإن القرار أتى مخالفاً لإجماع الآراء الفقهية والاجتهادات المنشورة في مجمل المراجع القانونية ـــ التي أودعتها مطبوعة الأخبار في ملف المحكمة ـــ والتي تعطي القاضي حق إلزام المطبوعة نشر الردود فقط اذا كانت موافقة لقانون المطبوعات دون أن يكون له أي صلاحية في بتر هذه الردود، ولو من باب تصحيحها. والغاية الأساسية من ذلك هي تحديداً تحميل الناس (أصحاب حق الرد) مسؤولية معنوية في صياغة ردودهم وفقاً للقانون. وتبعاً لذلك، تسجل مطبوعة الأخبار بأسف صدور هذا القرار القضائي متمنية أن يكون قراراً معزولاً، لئلا يتحول الى حائل دون التزام الردود بالقانون!
    (الأخبار)