فداء عيتاني
«مع القاعدة لا مجال للكلام، فهؤلاء يهدرون دمك باعتبارك مرتداً عن الدين»، يقول أحد علماء الدين السنّة حين تسأله عن «القاعدة» في لبنان، مؤكداً أن هذا التنظيم «موجود»، مكتفياً بهذا القدر من الكلام في «المحظور».
كلام كثير يتردد عن دور مقبل لـ«القاعدة» في لبنان. البريغادير يوسي بيداتس، مدير البحوث في المخابرات الحربية الإسرائيلية، يؤكد «أن القاعدة عززت أخيراً وجودها في لبنان، ويمكن أن تهاجم قوات حفظ السلام الأجنبية المتمركزة في جنوبه». ويوضح أن «شبكة أسامة بن لادن تجنّد عناصر بصفة رئيسية في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان».
قبل ذلك، أطلق إنذار في إسرائيل عن احتمال انهيار القرار الدولي 1701 عبر عمليات لـ«القاعدة». سبقت ذلك حادثة المصنع وبيانات «قاعدية» ملفقة أو مشكوك بصحتها من تنظيم لم يعتد الإعلان عن وجوده بالفاكسات، بل عبر عمليات تودي بعشرات الضحايا. ثمة من يشير كل الوقت إلى القاعدة «إنها هنا والآن».
لكن التنظيم المرعب لم يظهر حتى اللحظة. وحين ظهر عبر الفاكس أصيب مديرو التحرير في صحيفة محلية كبرى بالذهول: خط الفاكس الذي وصل عبره البيان لا يستعمل إلا مع طرف واحد يملك رقمه.
«القاعدة هنا، وليفكر من تسوّل له نفسه اللعب على الوتر المذهبي ما الذي سيشكله ظهور القاعدة في لبنان، أي مصير سيكون للشيعة حين يعمل التنظيم قتلاً في من يكفّرهم سلفاً» يقول أحد المتابعين الضالعين في المسار السياسي الإسلامي في لبنان، وهو من موقعه التنظيمي أشد المتضررين من التنظيم التكفيري.
تنتشر على شبكة الإنترنت الكتب التي تطلقها أطراف شبكة «القاعدة»، تستهدف هذه الكتب والمقالات المطولة الشيعة، كما تستهدف السنّة. تكفّر الجماعة الإسلامية، و«الإخوان المسلمين»، وتكفر أطرافاً عدة. كتب القاعدة للكثيرين بمثابة مراجع، الوصول إليها سهل وهي متوافرة مجاناً وتحمل التعبئة وتحرض على الكل باسم العداء للأميركيين.
رجل الدين، المذكور أعلاه، يرى أن المزيد من التوتر في لبنان سيجعل «القاعدة» قادرة على العمل بحرية، فهي تنتعش في أوقات العنف، وتزدهر في حالات الصراع المسلح، وما حصل في الأيام الأولى من اعتصام المعارضة في مناطق السنة في بيروت أفضل جو لنشر تعاليم «القاعدة» التي تدعو إلى «قتال مذهبي لا رجوع عنه».
«من يبشر بالقاعدة في لبنان؟» يسأل أحد قياديي حزب الله، ويقول: «من الذي يعتقد أن القاعدة تبقي خلفها أو تذر؟ من الذي يعتقد أن القاعدة في لبنان ستتصرف غير ما اعتادت عليه في كل مكان انتشرت فيه؟». ما يقصده القيادي هو ما تقوم به القاعدة من عمليات قتل شبه عشوائية، السنة معرضون لعنفها كما الشيعة، كل من هو «مرتد» محكوم عليه بالموت، وعندها يصبح أهل الكتاب من المسيحيين واليهود في الصف الثاني بانتظار حكم الله عليهم.
«القاعدة» في لبنان، وعلى الحدود مع إسرائيل، وتتغلغل في مناطق انتشار حزب الله، والقوى الأمنية اللبنانية تعتقل عناصر منها، بحسب الصحافة الإسرائيلية التي رصدت أيضاً محاولات تحرش قام بها عناصر التنظيم ضد عناصر من «المقاومة الإسلامية». إلا أن الرصد السياسي شأن آخر: في لبنان يسأل قيادي في حزب الله عمن يهدد الآخر بـ«القاعدة»، ولماذا؟ «من يعاني من قصر النظر ليلوح بتهديدات مشابهة؟»، ويختــــــصر هذه السياسة بكلمة «التهويل».