strong>نادر فوز
بالقرب من مقهى الوينبي، حيث أطلق خالد علوان قبل 23 سنة الرصاصة الأولى للمقاومة الوطنية في وجه العدو الإسرائيلي في بيروت، قرر شبان «أنا حداً مش مع حداً» إطلاق نشاطهم الأول الرافض للفرز العام الحاصل.
كالعادة، في هذه النشاطات الشبابية غير الموجهة من الأحزاب والطوائف، سبق عناصر الاستخبارات الناشطين، فهيّأوا «الجو» للصحافيين: بالتأكيد هذا مكان التحرّك.
عند الساعة الرابعة والثلث، وصل بعض من «الحدا» غير المؤيدين للـ«حدا» الآخر، حاملين بعض اللافتات. انتظروا وصول رفاقهم، بدأ البعض بتوزيع قصاصات على السيارات والمشاة تضمنت «أنا حدا مش مع حدا، العدالة الاجتماعية ــ إلغاء المحاصصة ــ العلمانية ــ المساواة»، بينما فلش آخرون شعاراتهم وبسطوا شرشفاً أبيض «فسحة تعبير» للمارة، علّ رواد الحمرا يعلّقون على هذا النشاط الحيادي. «ها ها ها... نحن مش مليون بس موجودين»، عبارة رفعها أحد المشاركين أمس، فعبّرت تماماً عما أراد النشاط إيضاحه، «لا نتعدى العشرين شخصاً لكن نحن موجودون، وأكثرية اللبنانيين مثلنا لكن ينقصهم الدافع» أوضح أحدهم، هم أيضاً يتحدثون عن «أكثرية» ما! من الشعارات التي رفعت أيضاً «أنا مش مع المعارضة بس مع المقاومة، أنا مش مع السلطة بس مع الحرية»، «نحن مع الحقيقة: من هم أمراء الحرب الأهلية، من في السلطة الآن، من مسؤول عن حجم الدين، من وافق على السياسات السابقة»...
مجموعة من الأصدقاء شعروا بالانزعاج التام جراء الوضع العام والفرز الحاصل بين الساحات والمنابر، وهم يؤمنون «بإمكانية أن نكون خارج الصفّين» اللذين اختبروهم، تقول رشا، واحدة من المعدّين لهذا التحرك. إنهم خارج هذه الاصطفافات على رغم وجود بعض القضايا المشتركة مع الطرفين، إلا أنّ «الخطابات لا تعبّر عن قضايا بل عن أشخاص وطوائف». هي لا تعتبر أن هذا العمل يهدف إلى إنشاء «خط ثالث أو رابع»، إنما تدرجه في سياق عرض حقيقة ما يشعر بها بعض اللبنانيين، «حقيقة أنّ كل الأطراف لا تسعى إلا إلى السلطة».
أثار هذا التجمع الشبابي «البسيط» حفيظة عدد من المارة الذين توقّف بعضهم لاستيضاح الأمر أو أكمل بعضهم الآخر طريقه بلا مبالاة. جورج نصار الذي قال إنه عايش الحرب وملّ من الأجواء المتوترة قال «فليعتصم الشباب لمصالحهم، أي لجامعاتهم وليرموا جميع المسؤولين خارجاً». خمسة شبان «يساريي الهوى» رأوا أنّه لا مكان لهم في الساحات المليونية، ومن حقهم التعبير عن آرائهم في شوارع بيروت، فجمعوا حولهم أصدقاءهم للمطالبة بالعلمانية والعدالة الاجتماعية ومحاربة الفساد ومحاسبة المسؤولين عن كل ما حصل من هدر وقتل خلال الثلاثين سنة الماضية. رولا، من الأصدقاء الخمسة الذين باشروا الحركة، تعتبر أنّه لا تحركات جاهزة بعد لإكمال النشاط، معتقدةً أنه يجب القيام «بتقويم عام للتحرك الأول» ليتم بعده بلورة الأهداف والعمل على خطوات لاحقة. وأكدت رولا ضرورة التواصل مع أطراف وأشخاص
«أنا حدا مش مع حدا» الذي هو تحرك شبابي جديد يسعى إلى طرح أفكار «قديمة» نخرتها وهمّشتها التجمعات الطائفية، عادوا هم بكل جرأة ليطرحوها بشكل عفوي بعيداً من الزعامات والأحزاب.