strong>غسّان سعود
صوت «فان» الصليب الأحمر يخترق هدوء المتن، وتليه بعد دقائق آليّات الجيش. «مشكل في الحقوق»، يقول سائق الأجرة لرجل كان يسأل باضطراب. «إيه هيّنة، ليس في الأمر جديد»، يقول الرجل ويمضي. فالخلاف بين القواتيين والعونيين في «الحقوق» لا يحمل جديداً إلا في عدد المصابين.
وفي تفاصيل الأمس، وزّع طلاب التيار الوطني الحر بياناً أعلنوا فيه تعليقهم ملصقات تحمل شعار التيار الوطني الحر على جدران الكلية، حالهم في ذلك كحال كلِّ القوى السياسية في الكلية. لكن بعد ساعات قليلة، فوجئ طلاب التيار بأن مجموعة من ناشطي القوات مزقت كل الملصقات. اعتبر العونيون أن الهيئة الطالبية في الكلية لا تعامل، كما يُفترض، كلّ الطلاب بالتساوي، ولا تحمي حرية التعبير في الجامعة. وأكدوا أن سكوتهم في السابق، تفادياً للفتنة، لا يعني الخضوع للتصرّفات الخاطئة، وسيردّون بالطريقة المناسبة على الاستفزازات المتكررة التي يتعرضون لها.
إذاً، وبحسب الرواية العونية، وزّع طلاب التيار بيانهم، وعلّقوا مئتي ملصق صغير في مختلف أنحاء الكلية. لكن، تدخل أحد ناشطي القوات وقال إنه سيمزق كل ما لا يعجبه، سواء كان ملصقاً أو بياناً أو حتى شخصاً. توترت الأجواء. قرر العونيون التفرق. غادر البعض، فيما توجه آخرون إلى كافيتيريا الكلية. هناك، كان الطلاب العونيون: جورج عبود وشربل مخلوف وغيرهما يتناولون القهوة، حين استفزّهم، وفقاً لما يقولون، عدد من طلاب القوات والوطنيين الأحرار. تبادلوا الشتائم، ثم أدار العونيون ظهرهم لطلاب القوات. وإذا بالكراسي الحديدية تتهاوى عليهم. أصيب جورج عبود في كتفه، وجورج غرّة وشربل مخلوف بجروح في الرأس، نقلوا بعدها إلى مستشفى أبو جودة القريب من الجامعة. وحصلوا على تقارير طبيّة شرعية، تحدّث أحدها عن أذى يتطلب راحة لمدة عشرة أيام وآخر لسبعة أيام. ثم توجه المعتدى عليهم إلى القوى الأمنية حيث تقدموا بادعاء شخصي ضد أشخاص محددين بالأسماء. هنا تنتهي الرواية العونية كما جاءت على لسان مندوب التيار في الكلية جاد غصن.
أمّا رواية القواتيّين، فيختصرها رئيس خلية القوات في الحقوق رودريغ خوري بالقول: «بدأ المشكل لأسباب شخصية بين المتقاتلين، ثم تحول إلى انقسام سياسي. واللافت تزامن العراك مع وجود عونيين من خارج الكلية، وتوزيع العونيين صباحاً بياناً يتضمّن تهديدات وكأنّهم يتوعّدون بما عادوا وفعلوه». وأكد خوري أن الأجواء ازدادت احتقاناً بين العونيين والقواتيين إثر إقدام أحد شبان القوات، خلافاً للتوجيهات الحزبية، بتمزيق أحد الملصقات العونية. ويرى خوري أن السبب وراء التصرف كان غرق الجامعة بالشعارات التي توسخ الجدران. ويجزم بأن الأمر كان لعبة مُدبّرة من طلاب التيار، وبيانهم الصباحي يفضحهم.
إلى ذلك، قرابة الرابعة بعد الظهر، كان الطلاب المصابون والمتّهمون بارتكاب الشغب قد عادوا إلى كافيتيريا الكلية. تلك الكلية التي تتميّز بطغيان الجدل السياسي على جوها العام، ما يجعل القواتيين يعتقدون أن فوزهم بها يوازي فوز التيار بكل كليات الفروع الثانية. فيما يؤكد بعض العونيين أن كل الكليات سواسية بالنسبة إليهم، وكل الطلاب باتوا يتمتعون بالوعي السياسي، والمعركة الانتخابية الطالبية في الحقوق فقدت رونقها وحماستها بعد أن طغى المال الانتخابي على سلوك أحد الأفرقاء. وأدى تسجيل هذا الفريق لمئات الطلاب الذين لا يحضرون، إلى تزوير إرادة الطلاب الذين يتابعون الدروس، وهم بمعظمهم، وفقاً للعونيين، يؤيدون التيار الوطني الحر.