strong>لا يزال مراسل تلفزيون «الجديد» فراس حاطوم والمصور عبد العظيم خياط والمساعد محمد بربر قيد الاحتجاز. فقد دفعهم عملهم الصحافي إلى الذهاب إلى فرنسا لمقابلة المطلوب الطليق محمد زهير الصديق. وخلال استكمال وثائقي عن الصديق، دخل حاطوم شقة الأخير في خلدة، وهو ما رأته الجهات القضائية كافياً لتوقيفه وإحالته على القضاء المختص
«لم تكن رحلة البحث عن الصديق، بل رحلة البحث عن الحقيقة». بهذه الكلمات، كان الزميل في تلفزيون «الجديد» فراس حاطوم يقدم الوثائقي الذي كان يعده عن «الشاهد الملك»، والمطلوب، في قضية اغتيال الرئيس الحريري، محمد زهير الصديق. لكن يبدو أن هذه الرحلة أوصلت الزميل حاطوم إلى الاحتجاز لدى القضاء اللبناني. فمن المنتظر أن يحيل النائب العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا اليوم على النيابة الاستئنافية الزملاء فراس حاطوم والمصور عبد العظيم خياط ومساعد المصور محمد بربر، بعدما أمر بتوقيفهم ليل أول من أمس «بجرم دخول شقة الصديق الكائنة في منطقة خلدة وتصويرها من الداخل، وأخذ بعض الموجودات فيها التي تعتبر أدلة في ملف الحريري، وذلك بمساعدة المسؤول عن المبنى الذي تقع فيه الشقة نسيم المصري والحارس خليل العبد الله اللذين جرى توقيفهما أيضاً في الجرم نفسه»، حسبما ذكر مصدر قضائي.
وكانت الرحلة، التي تحدث عنها حاطوم في الترويج للوثائقي، قد أوصلته إلى فرنسا، حيث قابل الصديق. الذي طلب منه أن يذهب إلى شقته في خلدة، وهذا «الطلب مسجل»، حسب أحد العاملين في تلفزيون «الجديد». عاد فراس إلى لبنان قبل أن يتوجه إلى سوريا حيث التقى أشخاصاً من عائلة «الشاهد الملك». أراد استكمال عمله الصحافي، فقصد شقة الصدّيق في خلدة منذ أربعة أيام. وذكر أحد زملاء حاطوم لـ«الأخبار» أن «الشقة ليست مختومة بالشمع الأحمر، كما لم يجد حاطوم أي حراسة عليها أو أي ورقة تمنع الدخول إليها أو تشير إلى أنها مسرح للجريمة، وأن صاحب المبنى والحارس، قاما بإرشاده إلى طريقة الدخول». دخل فراس من «منوَر» المبنى، وقام خياط بتصوير طريقة الدخول بالإضافة إلى محتويات الشقة. وليل أول من أمس، استدعى مكتب مكافحة الإرهاب الصحافي حاطوم وزميليه وما زال الثلاثة محتجزين حتى الآن بالاضافة الى المسؤول عن المبنى والحارس.
ويرجح أن يطلب القاضي ميرزا الادعاء على المحتجزين الخمسة وإحالتهم على قاضي التحقيق لاستجوابهم وإصدار المذكرات العدلية اللازمة، نظراً لأن «الأفعال التي ارتكبها حاطوم ورفاقه تشكل جرماً جزائياً، وقد تنطبق عليها مواد جنائية بعيدة كل البعد عن العمل الإعلامي»، حسب المصدر نفسه. وفي حين ذكرت معلومات أمنية أن الشرطة القضائية استجوبت حتى ساعة متأخرة من ليل أمس الموقوفين الخمسة، أفادت مصادر قضائية مطلعة «أن شقة الصدّيق، التي كان يشغلها الأخير مع عائلته قبل جريمة اغتيال الرئيس الحريري، جرى التحفظ على كل موجوداتها بأمر النائب العام التمييزي ولجنة التحقيق الدولية نظراً لضرورات التحقيق، بعد أن رفعت البصمات الموجودة فيها وأُجري فحص الحمض النووي لبعض العينات التي أخذت منها. وقد أقفلت منذ آخر كشف عليها قبل أكثر من سنة، نظراً لأهميتها وموجوداتها واعتبارها جزءاً من مسرح الجريمة. كما أنها تحتوي على أدلة تساعد في عمل التحقيق العائد إلى مرحلة التخطيط للجريمة وتنفيذها كما سبق للصديق وصرح للجنة التحقيق الدولية».
وأشارت المصادر إلى أن حاطوم «أقدم يوم 15 الشهر الحالي على دخول الشقة الواقعة في الطبقة الرابعة من المبنى عبر التسلل من المنور مع المصور عبد العظيم خياط، وصوّرا الشقة من الداخل بالفيديو مع كل موجوداتها وقاما بلمس هذه الموجودات والأدلة والعبث بها التي تعتبر أدلة جرى التحفظ عليها، كما أخذا كتباً وشرائط فيديو وأوراقاً ومستندات ودفاتر، وغادرا الشقة تسللاً وعبر المنور أيضاً بمساعدة المسؤول عن المبنى نسيم المصري والحارس خليل العبد الله ومحمد بربر».
وأشارت المصادر إلى أن الأشخاص المذكورين «اعترفوا أثناء التحقيق معهم بالوقائع المذكورة وجرى ضبط ما أخذوه. وبناء عليه صدر قرار توقيفهم عن النائب العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا، تمهيداً لإحالتهم على المرجع القضائي المختص للادعاء عليهم وفق الجرائم الجزائية التي ارتكبوها وإصدار المذكرات اللازمة بما فيها مذكرات التوقيف إذا ما قرر ذلك قاضي التحقيق الذي سيتولى استجوابهم».
ووضعت مصادر متابعة ما أقدم عليه الزملاء «في خانة التعدي على أدلة تفيد التحقيق بجريمة اغتيال الحريري والعبث بها»، وقالت: «على افتراض أن الصديق سمح لهم بدخول منزله، لا يحق لهم ذلك على اعتبار أن الصديق متهم كشريك في الجريمة وبالتالي فإن منزله جزء من مسرح الجريمة وليس لأحد الحق في دخول قبل مراجعة النائب العام التمييزي والمحقق العدلي».
وفي اتصال مع «الأخبار» أصرت مديرة الأخبار في تلفزيون «الجديد» مريم البسام على اعتبار ما حصل عملاً إعلامياً لا لصلة له بأي إطار جرمي، كما ذكرت أن الزميل حاطوم عنده طموح دفعه إلى الدخول إلى شقة غير خاضعة لحراسة قضائية ولا يوجد ما ينبه إلى أنها تدخل في إطار مسرح الجريمة». وأضافت البسام: «لسنا لجنة تحقيق، وإذا وجدت حقيقة ما، فهي غير متوافرة في نيو تي في».
بعد توقيف حاطوم، نفذ زملاؤه وعدد من خريجي كلية الإعلام اعتصاماً أمام قصر العدل في بيروت، مستنكرين توقيفه. كما استنكر اعتقاله كل من نقيب المحررين والحزب القومي السوري الاجتماعي وتيار المردة وتيار التوحيد ورابطة الشغيلة وحركة الشعب.
(الأخبار)