ابراهيم عوض
على مقربة من مدينة طرطوس السورية، وفي بلدة البرغلية التي تعلوها نصبت خيمة فسيحة شبيهة بواحدة من الخيم التي أقيمت حديثاً في ساحتي الشهداء ورياض الصلح لدرء المطر عن المعتصمين.
هناك في الجانب السوري لم يكن ثمة معتصمون او متظاهرون، والخيمة خُصّصت لاستقبال المعزين بوفاة شقيق وزير الإعلام السوري الدكتور محسن بلال الذين ضاق بهم المكان المحاذي لدارته التي يقصدها في عطلة الأسبوع.
تحت خيمة العزاء جلسة وزراء ومسؤولين مدنيين وعسكريين ورجال أعمال وشخصيات وأصدقاء وجمع كبير من أهل البلدة والجوار تعبيراً عن مشاركتهم الوزير حزنه.
وحدهم اللبنانيون غابوا عن المشهد بعد ما كانوا الجزء الأساسي فيه أيام «وحدة المسار والمصير» حيث كانوا يتقاطرون من كل حدب وصوب لمواساة هذا المسوؤل أو لعيادة ذاك.
لكن اليوم لا يشبه البارحة واقتراب سيارة لبنانية من الخيمة بات مسألة تسترعي الانتباه وتستدعي الاستفسار عن هذا «المغامر» الذي اخترق «الحظر» المفروض من جانب الاكثرية على كل من تسوّل له نفسه دخول الأراضي السورية حتى لزيارة شقيقته المتأهلة هناك. وهو ان عاد الى بلده فإنما يحمل أمر عمليات من «ريف دمشق»!
هل وصل عمرو موسى؟ يسأل وزير الإعلام السوري معزيه اللبناني بلهفة القلق على الوضع في لبنان، فيما يستوضح أحد الجالسين بالقرب منه عمّا اذا كان الاعتصام في بيروت أُوقف وجرى رفع الخيم كما سمع من إحدى المحطات التلفزيونية. وبين سؤال وآخر عن آخر التطورات على الساحة اللبنانية يعلو صوت تاجر من دمشق ليتحدث بمرارة عن غياب زبائنه اللبنانيين الذين اشتاق اليهم وليلعن كل من حاول تخريب العلاقة بين البلدين الجارين.
كلام التاجر عن العلاقات يحملك على العودة الى نقطتي الحدود اللبنانية ــ السورية: العريضة في الشمال والمصنع في البقاع.
في الأولى، وعند الواحدة من بعد ظهر يوم أول من أمس، كانت هناك سيارتان لبنانيتان تعبران الحدود في اتجاه طرطوس. أما في الثانية ومع اقتراب ظُهر أمس فتطل سيارة لبنانية واحدة عائدة من دمشق لتقف في مركز الأمن العام اللبناني.
سيارتان هناك وسيارة هنا في مثل هذه الأيام وعلى مشارف أعياد الميلاد ورأس السنة والأضحى؟!
سؤال يدعو إلى الاستغراب، لكن هذا ما آلت اليه حال العلاقات اللبنانية ــ السورية. وحتى لا يفوت المتابع الإلمام بالصورة كاملة يشار الى أن أسماء اللبنانيين الوافدين من سوريا الى لبنان تخضع لعملية فرز لدى الأمن العام اللبناني. فبطاقة الدخول العائدة إلى دبلوماسي او شخصية سياسية أو إعلامي يُحتفظ بها داخل المركز فيما تُسترد البطاقة من الآخرين عند الحاجز المخصص لذلك. لماذا؟ «إنه إجراء روتيني لا أكثر ولا أقل»، يجيب مسؤول في الامن العام ليتبين لاحقاً أن بعض الأسماء التي «غامر» أصحابها بالعبور الى الضفة الأخرى تصبح مادة صحافية يتم التداول بها، إن لم نقل التشهير بها، كما جرى مع أعضاء في المجلس الوطني للإعلام المرئي والمسموع قبل أشهر بالتزامن مع عقد جلسة المجلس المخصصة يومئذ للبحث في حلقة برنامج «بس مات وطن» التي تناولت الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله.
يقول مسؤول سوري متابع للعلاقات اللبنانية -- السورية «إن أكثر ما يعجبه في مواقف بعض من في السلطة والأكثرية كلامهم عن ضرورة إقامة علاقات دبلوماسية بين البلدين والتمييز بين النظام والشعب السوري. فاذا كان الأمر كذلك فما عليهم سوى التوجه الى «سوق الحميدية» للعمل على فتح السفارتين في دمشق وبيروت».