غسان سعود
عند التاسعة من صباح أمس، كان قرابة مئة بيروتي يحتشدون أمام مبنى صندوق المهجرين في كليمنصو. لاحقاً كبر الحشد. كانوا جميعهم يريدون رؤية رئيس صندوق المهجرين فادي عرموني. وكانوا، جميعاً أيضاً، يحملون في جيوبهم، ظروفاً كتب عليها من جهة «سعادة رئيس صندوق المهجرين الأخ العزيز الأستاذ فادي عرموني المحترم». ومن الجهة الأخرى «عدنان فاكهاني ــ مسؤول العلاقات العامّة في مكتب خدمات الرئيس الشهيد رفيق الحريري».
أما الظرف الذي وصل إلى يد «الأخبار» فيتضمن، كما تظهر الصورة المرفقة، دليلاً على توسيع السيد الفاكهاني دائرة علاقاته العامة. لتشمل هذه المرّة أشخاصاً يطلقون على أنفسهم إسم «مهجّري الحرب». واللافت أن كرم الفريق الحاكم يغدق هذه المرة لا على بعض أبناء الجبل كما درجت العادة. وإنما على بيروتيين ينتمون بغالبيتهم الساحقة إلى طائفة معيّنة. ومعظمهم من منطقة المزرعة.
حين وصل رئيس صندوق المهجرين إلى مكتبه، وجد نحو 200 شخص ينتظرونه لتسليمه البطاقات. فاتصل بالفاكهاني وطلب منه تغيير طريقة العمل، وخصوصاً أن ثمة وسائل إعلامية موجودة في المكان. وتمنى عليه، كما علمت «الأخبار»، أن يرسل جدولاً بأسماء «أصحاب الحقوق». وعند الثالثة والنصف، وصلت سيارة «بيجو 307» زرقاء اللون، سلّم سائقها الجدول إلى الأشخاص المعنيين. وهكذا، ستدفع اليوم الأموال إلى«مستحقيها». تحت عنوان «ترميم منجز». وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن صندوق المهجّرين يدفع «الترميم المنجز» من دون اضطرار المتضرر المفترض إلى تقديم أية وثائق، ويمكن لكل من يدّعي تضرره وقيامه بالإصلاحات أن يتجه إلى الصندوق ويبرز إخراج قيده وسند ملكية منزله، ليدفع الصندوق له. ويبدو أن كلمة السر هي «أرجو التكرم بمساعدة السيّد... شاكرين لكم حسن تعاونكم». والتي يفترض أن تكون ممهورة بإمضاء «مسؤول العلاقات العامة في مكتب خدمات الرئيس الشهيد رفيق الحريري». وهكذا يتضح سر تسريع صندوق المهجرين، بطلب من رئيس الحكومة، عمليات الدفع للمهجرين المجمدة منذ سنوات. علماً بأن الأموال التي تصرف للمتضررين المفترضين تتراوح بين ثلاثة وخمسة ملايين. وعلماً، أيضاً، بأن وزارة المهجرين تدّعي منذ أكثر من سنة أن «لا أموال في الصندوق، والعائق أمام إتمام المصالحات في الجبل هو عدم توافر الأموال».
وكان النائب وليد جنبلاط قد قال في «مؤتمر دعم عودة المهجرين» الذي انعقد في 4/7/1998 إنه أخطأ عندما أهدر أموال وزارة المهجرين في بيروت، عندما اضطروا إلى التدخل لدعم فقير أو محتاج. وفيما تصرف الأموال ــ المساعدات في بيروت لعائلات من مناطق محددة، علمت «الأخبار» أيضاً أن متضررين في مناطق مختلفة، وخصوصاً في ساحل المتن الجنوبي حاولوا التقدم بطلبات موثقة، لكن المعنيين رفضوا استقبالهم. وعُلم أيضاً أن المساعدات للمتضررين في طرابلس تكاد تقتصر على أحياء قليلة، يعاني فيها أحد التيارات السياسية من تراجع في شعبيته.
كل ذلك فيما عودة المهجرين إلى الجبل تراوح محلّها، رغم المزايدات والحماوة التي شهدتها عشية مؤتمر «عودة الحق إلى الجبل» الذي عقده التيار الوطني الحر. ويُسجل في هذا السياق أن «مصالحة كفرمتى» المفترضة والتي عقدت في المختارة لم تتعدّ الصورة الفولكلورية من دون أية نتائج عملية.