عذراً لـ«الأخبار»
  • عمر الديب ـــــ قارئ يومي لـ«الأخبار»

    بينما كنت أقلب القنوات التلفزيونية سريعاً، استوقفني برنامج حواري على قناة «المستقبل»، وفيه يستضيف الأستاذ سامر سري الدين زميله في القناة الصحافي فارس خشان الذي يقدم برنامجاً آخر على القناة نفسها. فأبقيت المحطة المذكورة مباشرةً لأنها المرة الأولى التي أرى فيها إعلاميي قناة معينة يحاور بعضهم بعضاً في برامج مختلفة.
    وما استوقفني أكثر أن موضوع الحوار كان تقرير براميرتس الذي قام بتحليله الأستاذ فارس خشان. وعلى رغم موضوعية الضيف حيناً وانحيازه أحياناً أخرى، وهذا ما لا أريد تناوله الآن، أبرز ما أتى في الحلقة كان المقطع الذي سئل فيه الأستاذ خشان عن التحليل الإخباري الذي قدمته جريدة «الأخبار» للتقرير في اليوم السابق، فما كان منه إلا أن جنح عن موضوع السؤال وعن موضوعيته ليرد بجواب يقول فيه إن هذه الصحيفة المذكورة لا تلبي إلا وظيفتها فقط وهي الدفاع عن الضباط المعتقلين وتحديداً أحدهم وحزب الله والنظام السوري لأنه «يعرف مسؤوليها ووضعهم المادي»، وبالتالي ليست وظيفة الجريدة سوى خدمة المآرب السياسية لمموّليها الثلاثة.... لذا أود، بعدما أقنعني الضيف بحكمه المبرم بأن هذه الصحيفة إيرانية ــ سورية، أن أمتنع عن شرائها وقراءتها حتى لو رأيتها صدفة في أحد الصالونات كرمى عيون أقل ما يقال فيها أنها وقحة!




    حقّ عربي قبل أن يكون مطلباً أميركياً

  • علي السقا

    يتفضل الرئيس بوش مشكوراً، ويكلف نفسه عناء مطالبة الدول العربية، كل على حدة، بضرورة أن تسير كل منها وتحذو حذو اقرانها في ركب التحول الديموقراطي الحاصل على الصعيد العالمي، فبلاده (أميركا)، وبعد انهيار القطب المنافس لها انهياراً مدوياً، اضحت المؤتمن الوحيد والفريد على النظام العالمي، وبات معها بوش بعد 11 ايلول في منزلة «الأب الشرعي» للنموذج الديموقراطي، المتأهب دوماً للدفاع عن مملكته، فيتكئ إلى حين على الجراحات المثخنة لشعوب ترزح تحت نير ظلامية حكامها، ومن ثم تجيش الاحاسيس الانسانية في صدره، وينتابه الخوف من بعض مكامن الخلل الدولية التي تتهدد الديموقراطية، فيهبّ لنجدة تلك الشعوب، ويطيح أنظمتها الاستبدادية، ليقيم بدائل عنها، ولو استلزم ذلك الدأب على إنشاء تلك البدائل إزهاق آلاف الأرواح، وما يبدو لي حتى الساعة، أن الطريق الى الديموقراطية الاميركية ملأى بالعثرات، والجماجم ايضاً.
    وفي هذا الصدد بالذات، طالعنا بوش في رسالة توجه فيها الى النظام السوري بلغة حازمة، طالباً اليه أن يخطو بثبات نحو الديموقراطية ويكفّ عن اعتماد اساليب القمع العنيفة ضد شعبه.
    دعونا نتوقف عند ما نحن فيه من أزمات، ولا مناص من وجوب التأكيد على انحصارها في المقلب السوري.
    فمن الغرابة والاستهجان ما يكفي، لأن يثيره التزام الصمت المطبق الذي تبديه السلطة القائمة في سوريا تجاه كل النداءات التي توجهت وتتوجه بها النخب المثقفة من الداخل السوري وخارجه. وبات جلياً، أن هذا النظام لم يفطن بعد لحجم المخاطر التي تتهدده وتحدق به وبالشعب السوري على حد سواء.
    اما الأنكى من انعدام الادراك والتبصر فهو رجحان كفة القمع المتجسدة في هراوة حاضرة حين تدعو الحاجة لكي تقتص من كل تحرك مهما بلغت رمزيته، فمن اعلان بيروت ــ دمشق الى بيان الـ99 ومنتدى الاتاسي، لم نلحظ في اية من مضامين تلك التحركات، اي نهج انقلابي، يسعى لتغيير النظام. لم تحو هذه التحركات سوى جملة اهداف ومطالب مشروعة تضمن للمواطن السوري حقه في التمتع بالثروة والناتج العام. فالوضوح والشفافية طريقان لا ثالث لهما إلى توطيد العلاقة وقيام المصالحة الفعلية بين السلطة والشعب، فتصبح الديموقراطية عندها، ديموقراطية حقة، ناتجة من عمل توليفي وجهود متراكمة تراعي البيئة الاجتماعية المنبثة منها، عوضاً عن ديموقراطيات مفروضة او مستوردة. فها هم اللبنانيون ومنذ ما يقارب سنة ونصف السنة، يتقاذفون الشتائم، ووصل خطابهم الى درك خطير، لتطلق افواههم سيولاً من الاتهامات التي إن دلت فإنما تدل عن تربية سياسية عمرها بعمر وصايتكم على هذا البلد الصغير. ان جبهة داخلية حصينة، وخاصرة لبنانية قوية وصلبة تكفل لكم الاستناد إليها لدرء الاخطار والمشاريع التي تستهدف قضم هذه البقعة الجغرافية من العالم العربي. فيا اصحاب الجلالة والسمو والفخامة، مدّوا أيديكم وصافحوا شعوبكم، وكونوا واثقين إن شعباً لا يملك حريته، هو طيف شعب.