غسان سعود
وعدٌ جديد من بيار الحشاش: «سأفجّر المتن ضحكاً»، «سأثبت أن اللبناني ثورجي بطبعه ويعشق كل جديد». وعدٌ يعني بداية أن زعيماً جديداً سينضم إلى أمين الجميّل، ميشال عون، ميشال المر، وغيرهم من قادة الرأي العام في المتن. لكنَّ حضرته من الرأي العام، يبتسم للكاميرا عكس معظم السياسيين «العابسين». يضحك حتى البكاء. ويُضحِك جمهوره ويُبكيه على الحال التي وصل إليهالعله قدر اللبنانيين أن يكون للحشاش «قرص في كل عرس»، و«الثالثة ثابتة»، بحسب أنصار «البيك». «ستنقش معه»، يترشح، يخوض المعركة، وينتصر. وطبعاً سيفوز، يقول أحد مؤيديه. فـ«في المتن قرابة عشرة آلاف ناخب كتائبي، وثلاثين ألفاً تراوح أعمارهم بين عشرين سنة وثلاثين، وهؤلاء لا يمكنهم إلا أن يكونوا ثواراً متمردين على الطبقة السياسية الفاسدة والتقليدية، التي توارثت الكراسي الرئاسية والوزارية والنيابية والوظيفية طوال أكثر من قرن. وبالتالي سينتخب هؤلاء الرجل الذي يُعبّر عن تطلعاتهم إلى وطن، لا يدفع المواطن فيه نصف معاشه للحصول على علبة فياغرا».
حتى الساعة، يتحفّظ بيار عن كشف مفاجأته المتنيّة. وهو ينتظر الرئيس إميل لحود أن يوقّع على مرسوم دعوة الهيئات الناخبة. وسيدرس بعدها مواقف القوى السياسية في المتن. وبيار، بحسب صديقه، أقرب بالاسم إلى الشهيد الجميّل من الشيخ أمين. وهو، وإن لم يكن من أبناء المتن، يعرف أهل المنطقة جيداً من خلال مروره فيها يومياً مرتين على الأقل. ويُضاف إلى هذا، أن بيار كتائبي الجذور. الأمر الذي ينفيه الحشاش. ويوضح أنه لم ينتم أبداً إلى أي حزب، على رغم تأييده أثناء الاحتلال السوري تحركات التيار الوطني الحر، مع العلم أن معظم أفراد عائلته قواتيون.
والأكيد أن الحشاش، حتّى لو لم يترشح شخصياً، لن يترك الانتخابات تمر من دون بصماته. ونقطة ضعفه الوحيدة، هذه الدورة، فقدانه بعض صدقيته بعد انسحابه من فرعية بعبدا ــ عاليه في اللحظة الأخيرة، مخيّباً ظنَّ من رفعوا صوره على شرفات منازلهم وسياراتهم. وبالعودة إلى الوعود الانتخابية، يُمكن أهل المتن أن ينتظروا «افتتاح مراكز للأبحاث الفضائية» و«منحدرات ثلجية للتزلج على الشواطئ»، وغيرها الكثير من بدع المرشح الذي يفضّل استخدام باصات النقل المشترك للذهاب الى عمله «لئلا يذهب الراتب ثمن بنزين».
ويؤكّد الحشاش أن قوّته تأتي من اقتناع الناس، من نهر الدانوب في ألمانيا إلى نهر التايمز في إنكلترا، بطروحاته الساخرة. ولا يستبعد أحد أصدقاء الحشاش أن يكون شعار الحملة الجديدة «لكل منطقة مقدحها». ويعد الحشاش بمفاجآت كثيرة على صعيد الشعارات أيضاً، بعدما حفظت غالبية اللبنانيين عباراته الجاذبة. من «لخلّي الزفت للركب» في حملته النيابية عام 2000 عن أحد المقعدين المارونيين في البترون، إلى «نايب الأخضر واليابس» الذي أسعفه مقدحه الكهربائي عام 2005 في منافسة اللوائح السياسية، والحصول على 503 أصوات.
لكن الشهرة البترونية المحلية لم تكفه. فحمل بدل المقدح، اثنين، وتوجه إلى دائرة بعبدا عاليه مستنكراً «عدم الوقوف على خاطره، وهو الذي يستطيع قلب المعادلات السياسية المحلية والاقليمية والدولية وكذلك القرارات المصيرية في حال دخوله المجلس النيابي». من هنا، ينتظر مؤيدوه أن يحمل ثلاثة مقادح ويتجه إلى المتن ليثبت أن الغالبية الشعبية «قرفانة».
وتجدر الإشارة إلى أن بيار علماني حقيقي. وفي حال وصوله إلى البرلمان، لن يكون في صف المتفرجين: «سأطالب بإلغاء مخصصات النواب، وتشجيع الزواج المختلط من خلال تقديم تسهيلات للراغبين في ذلك كإعفائهم من فواتير الكهرباء، لخلق جيل لبناني غير طائفي، وذلك كفيل بحل مشكلة الطائفية السياسية التي نعانيها».
والأكيد وفقاً لأصدقاء بيار، أن الوضع الحالي ليس كما كان في انتخابات الـ2005. هناك من توهم أن «هذا الطقم قد يتوب» لكنه تأكد أن هذا شبه مستحيل. وغالبية الذين اعتقدوا أن الحشاش مجرد نكتة سياسية أعادوا حساباتهم بعدما تأكدوا أن «من جرّب المجرّب بيكون عقله مخرب» و«المؤمن لا يلدغ من الجحر مرتين».
رأي الحشاش بالنواب الشباب لا يخرج عن إطار الكوميديا القاسية، إذ يقول إنهم «سابقون عصرهم»، و«يتكلمون مثل الكبار». علماً أن خوف «الطقم السياسي» من الحشاش، كما يقول مؤيدوه، دفع النائب السابق أوغست باخوس إلى طلب توقيف الحشاش بحجة مخالفة قانون العقوبات!