البقاع - رامي بليبل ــ علي يزبك
الانقسامات السياسية التي يشهدها لبنان تنتشر وتأخذ أشكالاً مختلفة يتخلّلها في كثير من الأحيان أعمال عنف واشتباكات تترك وراءها جراحاً تصعب مداواتها. وفي محافظة البقاع وقعت أعمال شغب وعراك يوم الجمعة الماضي أديا إلى تفاقم التوتر، ويُتوقع توسّع الاشتباك إذا لم يعالَج بطريقة مناسبة.

ما زالت الأجواء المشحونة والمتوترة تسيطر على عدد من قرى البقاع الشمالي على خلفية الصدامات التي حصلت في بلدة اللبوة بين مناصرين لتيار المستقبل وأهالي البلدة إثر انتهاء مهرجان التيار الذي أقيم في عرسال يوم الجمعة الماضي وسقط خلالها عدد من الجرحى وتحطيم عدد من السيارات. وما زاد من حدة التوتر العثور على الشاب مهدي علي أمهز (17 سنة) مقتولاً داخل سيارته في خراج بلدة مقراق مساء الجمعة الماضي مصاباً برصاص بندقية كلاشنيكوف، حيث عزز الجيش اللبناني وجوده في المنطقة ونفذ انتشاراً في عدد من المناطق الحساسة لمنع أي احتكاك أو تطور للأمور، وسير ‏دوريات راجلة ومؤللة وثابتة تمركزت في العين واللبوة وعلى أطراف مقراق وعمل على فصل عرسال عن منطقة البقاع لتطويق الحادثةوكان أهالي بلدة مقراق قد شيعوا ظهر السبت المغدور أمهز بحضور نواب من حزب الله، وضباط من قوى الأمن الداخلي والجيش اللبناني، حيث ألقى الشيخ نبيل أمهز كلمة العائلة حمّل خلالها مسؤولية المشاغبات التي حصلت إثر احتفال دعم الحكومة في عرسال ‏للمحتفلين بالخطاب «المتوتر الذي يستغله الموتورون والمشاغبون». ‏وقال: «لقد توجهنا للجميع بالتهدئة، ونؤكد على أواصر العلاقات ولن نسمح للفتنة بأن تكبر بيننا أو أن تستباح الدماء ‏هنا وهناك، فنحن نريد توفير الدماء لساحات المواجهة مع إسرائيل، وسنكظم الجراح ‏ونعض عليها من أجل عنوان رسالة المقاومة ولن نصوب السلاح إلا باتجاه إسرائيل على أننا ننتظر التحقيق وعلى الجهات المختصة أن تسرع في ‏كشف ملابسات الموضوع لكشف الفاعلين».
وكانت مصادر في القوى الأمنية قد أكدت لـ«الأخبار» أنها باشرت ‏التحقيق في القضية لكشف الفاعلين وقد وصلت إلى مراحل متقدمة منه.‏ وبدوره شدد رئيس بلدية عرسال باسل الحجيري في اتصال معه على أن الأمر «بعيد عن أبناء عرسال، ونحن لا علاقة لنا به ونسعى لعقد لقاءات مع أهلنا في البقاع الشمالي لتطويق الحادث».
عدم التسرع في توجيه الاتهامات
من جهة أخرى أصدر حزب الله بياناً علق فيه «على ما تناولته وسائل الإعلام من «توتر في منطقة بعلبك واستشهاد الأخ مهدي أمهز بعد مهرجان الفريق الحاكم في بلدة عرسال»، في ما يأتي نصه:
«انسجاماً مع رفضنا لأي شكل من أشكال الفتنة، وانطلاقاً من الحرص والمسؤولية في هذه المرحلة الحساسة، فإننا نعتبر أن الأخ أمهز استشهد في ظروف غامضة وغير مفهومة وعلينا أن ننتظر التحقيق ولا نريد أن توجه الاتهامات لأحد، ونحن أول من يرفض توظيف الدماء البريئة سياسياً وتوجيه اتهامات متسرعة لا تستند إلى دليل.
بناء عليه نؤكد ما يلي:
1ــ إننا ننتظر التحقيق الذي تجريه الأجهزة الرسمية المعنية، والذي نأمل أن ينجز في أسرع وقت ممكن، 2ــ إن أهالي بلدة عرسال هم إخواننا وأهلنا وأحباؤنا يجب حفظهم ورعايتهم ولا يجوز لأحد أن يستغل هذا الحادث للإساءة إليهم أو جر المنطقة إلى أي صراع داخلي لا سمح الله. 3ــ إننا نتقدم بالتعزية إلى عائلة الشهيد الكريمة ونعبر عن مواساتنا ووقوفنا إلى جانبها، ونشد على أيدي أهلنا الكرام من عائلة أمهز الشريفة وندعوهم إلى التعاطي مع هذا الحادث بروح المسؤولية الإسلامية والوطنية التي يتحلون بها بانتظار ما يظهره التحقيق وعندها يبنى على الشيء مقتضاه».
ومن جهته النائب حسين الحاج حسن انتقد بشدة الخطاب الذي ألقاه النائب سعد الحريري عبر الهاتف في احتفال عرسال وحمله مسؤولية الإشكالات التي حصلت بعد المهرجان».
وقال في لقاء مع الفاعليات التربوية في بعلبك إن خطاب النائب الحريري «غير مسبوق وتحريضي لمنطقة لم تعرف يوماً الفتنة المذهبية»، مستنكراً إطلاق النار بشكل غير منطقي في بلدة عرسال عند إلقاء الحريري خطابه. وأضاف: «ماذا يوجد بين عرسال واللبوة غير الجيرة والمحبة والأخوة، فياتي نواب من خارج المنطقة لتحريض الناس فيحصل تكسير وجرحى من الطرفين ويعثر على شاب مقتول من آل أمهز؟ فمن الذي قتل؟»، وقال: «إنني لا أتهم ولا أدين أحداً، ولكن فلتتفضل السلطة الأمنية ولتقل للناس من الذي قتل أمهز؟ فمستوى التحريض الذي حصل هو الذي أدى إلى جريمة القتل».
اعتداء على مكتب التيار الوطني في زحلة
وفي موضوع آخر تعرض مكتب التيار الوطني الحر في مدينة زحلة لاعتداء من قبل مجهولين نفذوا هجومهم تحت جنح الظلام في ما يبدو محاولة لزرع البلبلة واستفزاز أنصار التيار في المدينة عشية الأعياد. فبعيد منتصف ليل الجمعة ــ السبت ألقى مجهولون كميات من «البيض» على صورة كبيرة للعماد ميشال عون مرفوعة على شرفة مكتب التيار الوطني الحر في زحلة، إضافة إلى «تمزيق» صورة كبيرة. الهجوم الذي فتحت فيه قوى الأمن الداخلي تحقيقاً، كان بدعة جديدة في شكل مضمون الاعتداء، إذ عمد المهاجمون إلى إفراغ البيض من محتواه من خلال ثقب صغير ووضع مواد طلاء ومن ثم رمي البيض باتجاه الهدف الذي كان صورة كبيرة للعماد عون.