strong>إبراهيم عوض
الشيخ نعيم قاسم يعتبر مبادرة رئيس الحكومة السابق محاولة للبحث عن حل في الأفق المسدود

حمل الرئيس الدكتور سليم الحص مبادرته الى كل من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة فؤاد السنيورة أمس للبحث في مضمونها والاستماع إلى وجهات النظر حولها، موضحاً ان ما طرحه قبل أيام تحت عنوان «مشروع تسوية للأزمة اللبنانية» الذي ينطلق من إعلان رئيس الجمهورية أن الحكومة أضحت في حكم المستقيلة ولم تعد تستطيع سوى تصريف الأعمال، هو «مجرد إطلاق مسار للحل وليس الحل بذاته»، وقد جاء بعد وصول المبادرة العربية الى طريق مسدود.
ولم يكن الحص يتوقع قبولاً لمبادرته من جانب رئيس الحكومة بصورة خاصة، وهو سجل موقفه هذا حين أعلن عنها في مؤتمره الصحافي الأحد الماضي، إذ قال في ختامها: «نطرح هذه المبادرة مع علمنا بأن معظم ساسة لبنان لم يعد قرارهم في يدهم ونحن سعداء بأن يثبتوا العكس بتجاوبهم مع هذه المبادرة». كما أن الرئيس السنيورة لم ينتظر طويلاً فردَّ على المبادرة مستغرباً دعوة الحص الى «مخالفة الدستور والدفع باتجاه أعراف وبدع جديدة». وهذا ما شكل مقدمة للحديث الذي دار بين رئيسي الحكومة الحالي والسابق أمس، إذ بادر الحص الى تسليم السنيورة رده الخطي على ما جاء في تعليق الأخير على مبادرته قائلاً له إنه يرفض ما ورد فيه شكلاً ومضموناً، موضحاً أن الهدف من مبادرته إطلاق مسار للحل وليس الحل بذاته.
وكشف الحص لـ«الأخبار» جوانب مما دار في لقاء السرايا فقال إنه عاتب الرئيس السنيورة على قوله يوم امتلأت ساحتا الشهداء ورياض الصلح بالمتظاهرين بأنه « لا يرف له جفن»، مستغرباً ظهوره بمظهر غير القلق على ما آلت اليه الأحوال في البلد، متسائلاً «كيف يمكنك ذلك والمشكلة في حضنك وفي الحكومة بالتحديد وأنت المسؤول، وعليك أن تأتي بالحل؟». ولفت الحص إلى أن رئيس الحكومة أوضح له أن كلامه فهم خطأ، وهو يعني أنه غير مكترث لما يجري، مكرراً أن الحكومة ما زالت تتمتع بثقة مجلس النواب، مشيراً إلى إمكان اللجوء الى المجلس لإعادة طرح الثقة، «الأمر الذي حملني على الرد قائلاً بأن نصف الشعب على الأقل يرفض هذه الحكومة، وفي ذلك مشكلة كبرى يجب الاعتراف بها والعمل على معالجتها. كما أن إنشاء مؤتمر الحوار الوطني ومشاركتك فيه شخصياً يعتبران دليلاً واضحاً على أن مجلس النواب لا يقوم بالمهمة المتوجبة عليه ولم يعد المرجعية الصحيحة والموثوقة». وذكر الحص أن الرئيس السنيورة لم يكتف بالتذرع بأن الغالبية النيابية تدعم الحكومة وتؤيدها، بل ذهب إلى أبعد من ذلك بالتأكيد على أن الأكثرية الشعبية مع السلطة أيضا.
وقال الحص إنه حين ذكّر السنيورة بما سمعه منه خلال لقائهما في «الاسكوا» قبل أسابيع بإعلانه الاستعداد لتوسيع الحكومة وجعلها مناصفة بين الأكثرية والمعارضة شرط تسهيل إقرار مشروع المحكمة الدولية رد محاولاً رفع مسؤولية تعطيل هذه المبادرة عن كاهله ورميها على الآخرين.
وعن الأسباب التي دفعته الى المضي في مبادرته رغم اعتراض السنيورة عليها، أجاب الحص بأن هذه المبادرة «ليست موجهة الى رئيس الحكومة وحده، بل الى الرأي العام، وقد شكلت من أجلها مجموعات من أعضاء «منبر الوحدة الوطنية ــ القوة الثالثة» ستعرضها على القيادات والمرجعيات السياسية ريثما يعود من أداء فريضة الحج، لافتاً الى انه يغادر بيروت اليوم الى المملكة بعد أن يلتقي رئيس الجمهورية إميل لحود.
وحول اجتماعه مع الرئيس بري قال الحص إن رئيس البرلمان أطلعه على التفاصيل المتعلقة بلقاءاته مع الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى وعلى بعض الرسائل المتبادلة بشأنها.
وكان الحص سئل اثر لقائه الرئيس السنيور عن مبادرته التي تعطي الحق لرئيس الجمهورية بإقالة الحكومة، علماً بأن الدستور لا يعطيه هذه الصلاحية، فأوضح: «لم أقل هذا أبداً، نحن نعيش واقعاً مريراً لا نستطيع أن ننكر وجوده، البلد في حال شلل كامل، رئيس الجمهورية ليس منفرداً في هذا الموقف، رئيس الجمهورية ومعه فريق من اللبنانيين وفريق من رجال القانون ورجال الفكر، وهناك فريق آخر، فالبلد منقسم. هذا هو الواقع وهمنا أن نخرج من هذه الحال. الرئيس يتصرف واقعياً الآن على أساس أن هذه الحكومة غير موجودة، ويرفض كل ما يصدر عنها من قرارات، حتى على مستوى تصريف الأعمال، فكيف يمكن ان نعيش مع نوع كهذا من الشلل لأجل غير محدود. ما قلته أنه بطريقة قانونية، ولم أحدد الطريقة ولم أقل إن على رئيس الجمهورية أن يصدر مرسوماً، يجب أن يعلن بالطريقة التي يراها ملائمة بعد استشارة المحامين أو القضاة، أن الحكومة أصبحت في حكم المستقيلة. هو يتعامل معها على أنها غير موجودة فنكون نرقي الحكومة عندما نقول إنها أصبحت مستقيلة وتصرف الأعمال. فإلى متى يستطيع ان يتحمل البلد مثل هذا الواقع؟».
وقيل للحص إن هناك مأخذاً عليه بعدم الحديث عن المحكمة الدولية، ولا سيما في المبادرة التي أطلقها، فاستغرب طرح السؤال وأخرج نص مبادرته وقال: «هذا ظلم وهراء، هذه مبادرتي. هناك صفحة كاملة عن المحكمة الدولية. هذا ظلم والإعلام يجب أن يكون منصفاً».
وزار الحص بعد ذلك الرئيس بري وصرح بعد اللقاء بأن «البلد لم يعد يحمل المزيد من هذه الحال المتأزمة، والبلد في حاجة ماسة الى حلول سريعة ومخارج سريعة من هذه الأزمة، وما طرحته مجرد إطلاق مسار للحل وليس الحل بذاته، لأن المبادرة العربية وصلت الى طريق مسدود، وفي اعتقادي أن البلد لا يمكن أن تترك للطريق المسدود».
وصدرت أمس ردود فعل على مبادرة الحص أبرزها لنائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم الذي قال في حديث لوكالة «أخبار لبنان»: «إن الحزب ينظر إليها بإيجابية لأننا وجدنا فيها محاولة لفتح كوة في الجدار، ومضمونها قابل للنقاش الذي يمكن أن يفتح على حدود أخرى. وعلى كل حال رأينا ردة الفعل السريعة ضد هذه المبادرة الوطنية من قوى السلطة كتعبير على أنهم لا يريدون اي حل».
من جهته أكد النائب مروان فارس أن مبادرة الرئيس الحص تأخذ صدقيتها من الرئيس الحص وهي مستندة الى الدستور اللبناني.
بدوره أيد رئيس المؤتمر الشعبي اللبناني كمال شاتيلا مبادرة الرئيس الحص، كذلك رحب بالمبادرة كل من النائب السابق بهاء الدين عيتاني وإمام مسجد عيسى بن مريم الشيخ حسام العيلاني.