راجانا حميّة
لم تكن حركة الشعب بحاجة إلى أكثر من صورة ابنة مروحين للعودة إلى تمّوز. ربّما كان اسم قريتها فقط كافياً لاسترجاع ليالي الرعب ولحظات الموت تحت وابل القنابل الإسرائيليّة الذكيّة.
وجه ابنة مروحين المحترق ورأس طفل الجنوب المتآكل من رصاص العدو وهديّة طفلة إسرائيل، ثلاث صور تختصر مأساة من سقطوا شهداء في تمّوز وفي نيسان وفي غيره، تختصر الحقد الإسرائيلي وتختصر تخاذل أنظمة عربيّة ودوليّة، انتهكت بصمتها ما تبنّته شرعة حقوق الطفل والإنسانثلاث وعشرون لوحة لأطفال مروحين، قانا، عيتا، بنت جبيل... الذين لم تخبُ ذكراهم بعد، لألعابهم المجبولة بالرصاص، لمذكّراتهم المختبئة بين ركام بيوتهم المنكوبة ولدمائهم التي لم تجف.
ثلاث وعشرون لوحة برسم الأمم المتّحدة ورسم الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وشرعة حقوق الطفل التي تنص على «أنّ لكل فرد الحق في الحياة والحريّة والأمان...لكل طفل الحق في التعلّم ويجب أن يوفّر التعليم مجّاناً على الأقل في مرحلته الأولى»... وغيرها من الحقوق التي لم تلحظ «الطفل العربي في بنودها»، تاركة له حقّه في الموت... إمّا القتل أو القتل.
حملت اللوحات الثلاث والعشرون توقيع «دولة» إسرائيل و«من دون تعليق»، هي كافية باسمها للإجابة عن المجازر والشهداء، فيما زنّرت لوحات أخرى بمواد الشرعتين وعبارة «مدينة في زمن شرق أوسط أميركا الجديد».
وزيّنت «كادرات» بعضها الآخر بتصاريح لرئيس الوزراء فؤاد السنيورة حيال سلاح المقاومة ونشاطاته خلال الحرب «ولا سيّما العشاء التاريخي مع كوندوليزا رايس الذي تزامن مع مجزرة قانا الثانيّة». ويشير القيادي في الحركة المحامي كامل صفا إلى أنّ الهدف من هذا العرض «المتأخّر» هو تذكير «رئيس الدولة» فؤاد السنيورة «بخرقه الفاضح للدستور عبر تعامله مع الأعداء، هذا التعامل الذي أودى بحياة أطفال بلاده ومن دون أن يشعر بالذنب، محمّلاً المسؤوليّة للمقاومة التي حاول مراراً وتكراراً سحب سلاحها».
شرعة حقوق الطفل والإعلان العالمي لحقوق الإنسان لم يحميا أطفال الجنوب «فانظروا كيف طبّقت الاتّفاقيّة؟»... 106 شهداء في نيسان من عام 1996 و1132 في تمّوز 2006 و«هلمّ جرّاً»...