strong>غسان سعود
اسم جديد أُضيف فجأة إلى قاموس التعريف المناطقي بالزعماء السياسيين. مولود اليوم يدعى «بزمّار». وهي قرية كسروانية صغيرة تنزوي خلف حريصا وسط أشجار الصنوبر. سيمضي «الحكيم» فيها ثلاثة شهور على الأقل، الأمر الذي سيفقدها سريعاً عذريّتها السياسية


  • جعجع ينتقل للسكن في كسروان ليقترب من بكركي والقدّيسين
    قبل عدة شهور، كان النائب أنطوان زهرا أوّل من كشف «أنّ الموقع الجغرافي لسكن قائد القوات اللبنانية سمير جعجع لا يُساعد على إظهار مكانته والدور الذي يؤديه على صعيد القرار الوطني». لكن، ووسط انتظار البعض انتقال جعجع إلى بلدة غدراس أو معراب، وصل الحكيم فجأة، قبل قرابة أسبوع، إلى فندق «بزمار» في بلدة بزمار، برفقة أكثر من أربعين شخصاً يشكّلون مجتمعين فريق عمل قائد القوات، بحسب أحد المطلعين.
    المعلومات المتوافرة تؤكد أنّ المقر الجديد مؤقت، واستؤجر لضرورات سياسية إلى حين انتهاء تشييد منزل الحكيم في بلدة معراب على بعد مسافة قليلة من «بزمّار». ويؤكد أحد المطّلعين أنّ اهتمام الحكيم بسكنه الجديد وتفاصيله الصغيرة، يدفعه إلى متابعة الأعمال عن قرب. وسيتنقّل بالتالي، بشكل مكثف، بين بزمّار ومعراب للاطّلاع على سير العمل.
    من جونية في اتجاه بزمار، تتوزع الكنائس على جانبي الطريق، وتطل قواعد الأجراس وسط الأشجار البعيدة لتزيّن الشوارع مزارات القدّيسين. يبتسم سائق السيارة مؤكداً أن الحكيم لا يستطيع العيش إلا وسط القديسين. هنا حريصا. نسأل عن بزمار، فيجيب صاحب محل للسمانة بأن الحكيم يسكن على بعد خمس دقائق. ويعلّق رجل آخر «هكذا يستطيع لقاء «أبو سمير» في الوقت الذي يريدانفي الطريق نحو غوسطا، تزداد ملامح الناس قروية، كما تزداد كثافة الثلوج المتناثرة فوق البيوت القرميدية. واللافت أن عدد المنازل التي تضع أعلاماً لبنانية على شرفاتها، دعماً للحكومة، لا يتجاوز ثلاثة في غوسطا.
    نصل إلى بزمار أخيراً. اللوحة التي تشير إلى مدخل البلدة صدئة. تغيب اللافتات المرحبة بالحكيم أو صوره أو أعلام القوات اللبنانية، تماماً كما تغيب المظاهر المسلحة. «نكاد لا نشعر بوجود الحكيم»، يقول بإيجابية أحد بائعي الخضر في البلدة. لكن جاره يسارع إلى التدخل قائلاً: «إن مرافقي جعجع وحرسه أثاروا حفيظتهم في الأيام الأولى. لكن، وبعد الزيارة التي قام بها وفد من أبناء البلدة برئاسة مختارها وفاعلياتها، وتقديمهم إليه مفتاح كنيسة البلدة وتمنّيهم له «إقامة هانئة في البلدة»، تغيّرت الحال قليلاً وقُيّدت المظاهر المسلحة أو الاستفزازية، حتى إن معظم مرافقي جعجع الشخصيين باتوا يتنقلون، وفقاً لأحد أبناء البلدة، بثياب قوى الأمن الداخلي. ويوضح أحد أهالي البلدة أن ثمة دوريات سيّارة تتحرك باستمرار. لكنها تحترم نظم الحياة في البلدة، ولا تسبب أي إزعاج.
    ووسط هذه الأجواء الإيجابية، يأمل كثير من أهالي البلدة أن تتحسن الحركة التجارية. ويسر أحدهم أن اتصالات تجري مع الحكيم لتوفير مأكولات قائد القوات اللبنانية وفريقه، إضافة إلى سائر احتياجاتهم، من بزمار والجوار. ويشير البعض بإيجابية أيضاً إلى استئجار القوات اللبنانية «البناية البيضاء» بأكملها لأكثر من ثلاثة أشهر بمبلغ كبير جداً. وفيما يراهن قواتيون كثر على إيجابية وجود الحكيم في قلب كسروان لناحية إعادة انبعاث القوات اللبنانية في هذه المنطقة، يقول أحد قياديي القوات السابقين أن القوات، تاريخياً، لم تكن تتمتع بوجود كبير في كسروان، قلب المنطقة الشرقية الذي ظل متمسكاً بزعامات تقليدية، عائلية بمعظمها. ويوضح أن الوجود القواتي في جبيل أكثر كثافة منه في كسروان. ويؤكد عدم تصوره أن للكسروانيين ميلاً إلى القوات اللبنانية، وخصوصاً «هذه القوات» التي فرضت نفسها بالقوة آمرةً ناهيةً في هذه المنطقة لسنوات طويلة. ويشير إلى أن غالبية القاعدة القواتية في كسروان تنسجم مع القيادي القواتي الكتائبي السابق جورج كسّاب، الذي ينشط اليوم مع حزب الكتائب اللبنانية.
    الثلج من جديد، لحق بالحكيم. النقلة سهّلت العمل علينا وعلى الذين يرغبون في رؤية الحكيم، تقول المسؤولة الاعلامية في القوات اللبنانية أنطوانيت جعجع. وتتابع: «طريق الأرز أقفلت أمس، وكانت زيارة الحكيم في الشتاء فائقة الصعوبة». ومع ابتسامة تقول جعجع: «طبيعي أن يسكن الحكيم في كسروان، وهي المنطقة التي حضنت القوات. وربما في اللاوعي القواتي ثمة شعور بالأمان في هذه المنطقة».
    في طريق العودة، نلمح لافتة تودع الزائرين، وتدعوهم إلى الانضمام إلى أهالي بلدة غوسطا في زيارتهم يوم الأحد المقبل لبكركي، دعماً لمواقف البطريرك.