إبراهيم عوض
بعد جلسة مجلس الوزراء التي انعقدت إثر استقالة الوزراء الشيعة تحدث وزير الإعلام غازي العريضي إلى الصحافيين عن موقف رئيس مجلس النواب نبيه بري من الجلسة واعتباره الحكومة غير شرعية بعدما أخلت بالميثاق الوطني، محاولاً التخفيف من وطأته مستعيناً بعبارات المجاملة والود حيث توجه إلى بري قائلاً: «نحبك.. نحبك.. نحبك..» وشمل «الحب» يومها الوزراء المستقيلين أيضاً.
أكثر من شهر ونصف مر على هذه «المخاطبة الغزلية» التي لم تصمد طويلاً على ما يبدو تحت وطأة تسارع الأحداث وإخفاق المبادرات وتكاثر العرائض، إذ باتت الأكثرية تطلق على من أحبته أوصافاً جديدة منها «الأسير» و«المخطوف» و«المغلوب على أمره» وقبل هذا وذاك «الطرف» الذي لم يتورع نائبه الأكثري فريد مكاري عن التلويح بعقد جلسة للمجلس النيابي بمبادرة منه وليس من رئيسه وخارج مقر المجلس لإقرار المحكمة الدولية، ذاهباً إلى حد اتهامه «بعرقلة المحكمة الدولية وبتجميد عمل المجلس في الوقت الحالي».
هل يفهم من هذا الكلام زوال الحب بين الأكثرية ورئيس البرلمان تمهيداً لإعلان الحرب عليه؟
سؤال طرحته «الأخبار» على ثلاثة نواب من فريق 14 آذار فجاءت إجاباتهم لترسم ملامح خارطة الطريق الذي سيسلكه هذا الفريق في تعامله مع رئيس المجلس بعد أن دلت المؤشرات على أنه استبدل معزوفة الغزل باسطوانة المخطوف.
*النائب محمد قباني (تيار المستقبل) رأى أن الرئيس بري «يتصرف كطرف وإن بغير إرادته بعد أن وضعته ظروف معينة في هذا الموقع. وهو يبدو في ذلك كالمغلوب على أمره بشكل أو بآخر». وأوضح أن كتلة «تيار المستقبل» النيابية تعبر عن هذا الرأي في تصريحات أعضائها مؤكداً أن «لا موقف مرسوماً بهذا الشأن في الوقت الحاضر».
* النائب هنري حلو (اللقاء الديموقراطي) آثر عدم الاستفاضة في الحديث محيلاً الراغب في معرفة موقف «اللقاء» من الرئيس بري على ما قاله رئيسه النائب وليد جنبلاط في حديثه إلى محطة «العربية» أول من أمس، الذي رأى فيه رئيس البرلمان «أسيراً.. وربما مهدداً اليوم»، متهماً حزب الله بـ«خطفه وخطف المجلس النيابي معه». وأشار حلو إلى أن «ما صرح به جنبلاط يعبر عن شعورنا وعن حقيقة نظرتنا إلى الرئيس بري».
* النائب الياس عطا الله (أمين سر حركة اليسار الديموقراطي) اعترف لرئيس البرلمان بإجادته القراءة السياسية، لكنه رأى في مواقفه الأخيرة «مزيجاً بين الواقعية السياسية والقبول بالأمر الواقع». وقال: «إن هذا التوجه يتناقض مع الموقع الدستوري الذي يمثله وفي ذلك إشكالية كبرى».
وأخذ عطا الله على الرئيس بري «إعطاءه الأولوية للواقع السياسي على حساب الموقع الدستوري، الأمر الذي جعله يسير على حافة الخطر».
من جهته عضو كتلة التنمية والتحرير النائب علي بزي رد على ما أورده نواب من فريق الأكثرية في نظرتهم إلى تعاطي رئيس المجلس مع المرحلة الراهنة فقال: «إذا كان هناك أحد يتمتع بالحرية والاستقلالية فهو الرئيس بري، ويبدو أن خطاب الغزل الموجه إليه من الأكثرية الذي كنا نسمعه صباحاً ومساءً إنما كان يهدف إلى إبعاده عن حماية الدستور والمؤسسات والبلد حتى تخلو لهم الساحة فيعملوا على نسف المؤسسات جميعاً».
واتهم بزي الأكثرية بمحاولة «تشويه الوقائع في ما يخص مشروع المحكمة الدولية من خلال التقدم بعريضة نيابية للحث على إقراره، فيما المشروع نفسه لم يطأ باب المجلس وفي ذلك تحرش واضح بالمؤسسة التشريعية ورغبة في شلها وتعطيلها». كما ذّكر بأن الرئيس بري كان أول من طالب بتشكيل مثل هذه المحكمة «من منطلق أنها تشكل عامل وفاق قبل أن يتبين له أن هناك من يريد أن يجعل منها أداة انقسام وخلاف بين اللبنانيين».
ووصف بزي الانتقادات إلى توجه التي بري من فريق الأكثرية بأنها «تدين أصحابها الذين عليهم أن يتحرروا من عقدهم ومن تعليمات أسيادهم والاقتناع بأن سلامة الوطن تقوم على التوافق والشراكة، لا على منطق التفرد والتسلط و«التشبيح».