البقاع - عبادة كسر
ذاع صيت بريتال في البقاع على أنها بلدة خارجة على القانون. ولكن زائر البلدة والمتحدث مع أهلها يكتشف ان هذه البلدة المتاخمة للحدود مع سوريا ليست سوى “جزيرة” محرومة من كل الخدمات في بحر الحرمان البقاعي الممتد من الشمال الى الجنوب

حوالى 20 ألف نسمة هو عدد سكان بريتال.. وعدد المطلوبين للقضاء اللبناني بتهم مختلفة فقط 150 شخصاً. هذا العدد من المطلوبين يشير بوضوح الى ان الصيت كبير جداً مقارنة بالواقع الحقيقي للبلدة وأهلها الذين قدموا أكثر من 70 شهيداً في مقاومة الاحتلال الاسرائيلي من عام 1982 وحتى العام الجاري 2006.
يقول رئيس بلدية بريتال عباس زكي اسماعيل ان الإعلام المحلي و“بعض الأجهزة الأمنية المحلية والإقليمية” أعطوا بريتال صفات غير واقعية و“أصبح كل عمل مخلٍّ بالقانون في لبنان يلصق ببريتال وأهلها، وهذا الواقع ليس حقيقة، والأجهزة القضائية اللبنانية تعلم ان بريتال، أو عدد المطلوبين من شبابها للقضاء، ليس كما يروّج، إذ عندنا فقط 150 مطلوباً بموجب مذكرات عدلية وقضائية، ومن المؤسف ان يصبح كل من هو من بريتال مطلوباً أو متهماً أو مجرماً”.
وهنا يطرح السؤال بصوت عال “لماذا لم تقم الدولة بواجباتها وتلقي القبض على المطلوبين؟” لا أحد في بريتال أو خارجها يستطيع ان يقدم أو يعطي الإجابة عن هذا السؤال الكبير!
ويلفت رئيس البلدية الى ان “كل سيارة تسرق في لبنان تتهم بريتال فوراً، وهذا دليل على ان الأجهزة الأمنية عاجزة عن توقيف اللصوص الحقيقيين، واتهام بريتال ما هو إلا دليل عجز السلطات الأمنية عن القيام بدورها، وللأسف لقد أصبحت البلدة مكسر عصا”.
في بريتال المئات من الأطباء والمهندسين والمحامين وحملة الإجازات الجامعية والاختصاصات المميزة، كمّاً ونوعاً. ويقول المواطن حسن مظلوم الذي يفتخر بالانتماء الى بريتال التي خرج منها ملحم قاسم مقاوماً الانتداب الفرنسي: “في قريتنا الكثير من المثقفين، ولا يجوز بعد اليوم إطلاق اتهامات جزافاً ضد بريتال لمجرد وجود بعض المطلوبين كما هي الحال في لبنان عامة، فهناك مطلوبون في بلدات لبنانية عددهم أكبر بكثير من عدد المطلوبين من بريتال”.
يتهم رئيس البلدية “أجهزة أمنية” بأنها “صنعت واهتمت ببعض المخلّين بالأمن والقانون لغايات بعض القوى الحزبية ورغبتها ومصلحتها، حتى إن الأذى طال مباشرة فئات عمرية صغيرة، فأنت مجرم أو سارق حتى لو كنت تلميذاً أو طفلاً لم يتجاوز عمرك السنوات العشر، وللأسف هذه النعوت طالت كل البلدة، وهناك من عمل على إغراق البلدة في مشاكل اجتماعية لأسباب سياسية، ولا سيما ان بريتال كانت رأس الحربة في التحركات الشعبية والمطلبية وخزاناً للمقاومة منذ الاحتلال العثماني وحتى الاحتلال الاسرائيلي، وبالتالي هناك من عمل على إغراق بريتال في مشاكل مع القانون”.
ويشير رئيس البلدية الى ان “نزوح” السيارات المسروقة نحو بريتال “ما كانت لتتم إلا بمعاونة البعض من الأجهزة الامنية ومن ثم يجري إدخالها الى سوريا”. ويبدي استغرابه كيف ان “السيارات المسروقة تدخل الى أطراف بريتال وتعبر عشرات الحواجز الامنية من دون توقيف أو إلقاء القبض على السارقين، ونحن نسأل لماذا؟”.
هذه الحال في بريتال دفعت بعض أبناء البلدة الى اتخاذ اجراءات لمنع دخول “الزوار الخارجين على القانون”، كما قال اسماعيل، الذي يضيف “للأسف، تلقى مختار البلدة الحاج قاسم صالح (استشهد خلال العدوان الاسرائيلي على البلدة) بلاغ بحث وتحر في حقه وحق مجموعة من الشباب تحت عنوان اعتراض مارة، ما يكشف عن نيات سيئة لدى جهات رسمية تجاه بريتال التي تحاول جاهدة رفع التهمة عنها، فهي بلدة ملتزمة القانون، وعلى الدولة ان تطبق القانون”.
يتحدث رئيس البلدية بحسرة عن “الاتهامات” في حق بلدته، ويسأل “لماذا كل وزراء الدفاع، وعلى مراحل تعاقبهم، يغدقون رخص السلاح على الشباب بدل إغداقهم الوظائف وتوفير الخدمات الحكومية؟”.