جورج شاهين
جعجع عاتب عون وجنبلاط سأل عن «أمر العمليات» والسنيورة شكا من «المنار»

على رغم الاتفاق بين المتشاورين على عدم التسريب الاعلامي، تبارت المرجعيات امس في توزيع المحاضر. وقد حصلت «الأخبار» على تفاصيل ما جرى في الجلسة.
استهل الرئيس نبيه بري الجلسة بالاشارة الى ما نشرته الصحف عن تفاصيل الوقائع والمداخلات التي شهدتها الجلسة الأولى، وقال ممازحاً: «يبدو ان الالتزام كان تاما بما اتفقنا عليه!»، رافضا تحميل وسائل الأعلام اية مسؤولية، و«سأقول هذا الكلام امام الاعلاميين في الخارج».
وسجلت في البداية ملاحظات حول التسريبات الاعلامية، فقال احد الأقطاب: «ابلغكم بأسف ان احد الصحافيين اطلعني ليل امس على مضمون مداخلتي بالتفصيل، وطلبت منه نسخة لحفظها في الأرشيف لأنني لم اكتبها كاملة على هذه الطاولة». فدار ضحك.
ولكن سرعان ما تغير الجو،عندما اثار الدكتور سمير جعجع من «خارج اطار التسريب الاعلامي» ما اعلنه النائب عباس الهاشم بعد اجتماع كتلة التغيير والاصلاح أول من امس، وسأل العماد عون عما «قاله السيد عباس من تفسير لمواقفي في لقائنا عن التحول في توجهاتي السياسية نحو العقلانية والاقتراب من مواقفكم».
ونقلت مصادر القوات ان عون ابدى «نوعا من الأسف» لما قاله هاشم داعيا الى «وضع القضية في اطارها الحقيقي لأنها لا تحتمل تفسيراً».
بعدها طلب بري العودة الى صلب الموضوع واستكمال المناقشات من حيث توقفت، فطلب جعجع الكلام وقال ان لديه طرحا متكاملا يمكن ان تتوسع حوله النقاشات. ودعا المتشاورين الى التفكير بمقاربة مختلفة سعيا «وراء خرق ما لا بد ان نتوصل اليه»، معتبراًَ أن «المشكلة ليست في استبدال وزير بآخر، ولا اضافة وزير من هذا الطرف او ذاك، هناك هواجس لدى كل منا لا بد من البوح بها علناً لنتصارح حولها. فنحن في 14 آذار لدينا هواجس تمتد من المحكمة الدولية الى عدم تنفيذ القرارات الدولية 1559 و1701 وتنظيم العلاقة مع سوريا ومصير السلاح الفلسطيني. وأنتم لديكم هواجس اخرى وتصور خاص للدولة وشكلها ومفهومها على اكثر من مستوى». وأضاف: «لنبدأ من هذه النقطة، وأدعو الرئيس بري الى ادارة النقاش على هذه الاسس، علّنا نصل الى ما يقرب».
وتحدث النائب محمد رعد فأشار الى ان طرح جعجع «لا يشكل المنهجية التي توصل الى حل، والهواجس اكبر من ان تستحضر على هذه الطاولة، والوقت لا يتسع لأنها كبيرة جدا وليس الموقع هنا لمعالجتها. المنهجية الأهم هي التي تعالج الموضوع بواقعية، وتبقى حكومة الوفاق الوطني هي التي تتسع لكل اشكال المعالجات ومن ضمن المؤسسات، واهم ما في هذه الحكومة هو الثلث الضامن. وأعتقد أننا لن نقنعكم ولن تقنعونا، فلننظم الخلافات بالطريقة الأسلم وبواقعية، والثلث المعطل ينظم الأمور».
وعلمت «الأخبار» ان كلام رعد استفز الحريري وجنبلاط، فتحدث الحريري قائلاً: «كلام السيد رعد صحيح. هناك خلاف في مقاربة الأمور على كل المستويات، تأخذوننا الى الحرب والسلم ساعة تشاؤون وتطلبون منا المشاركة في لملمة النتائج. نعم لدينا الكثير من الهواجس وأبرزها ما يمكن طرحه على هذه الطاولة، ومنها مشكلة (الرئيس اميل) لحود. بتحالفكم مع سوريا وبتقربكم من لحود تحولون دون الحلول السهلة، واذا اردنا الحل ماذا تقدمون؟ الأمور لا تحل من خلال التمسك بالثلث المعطل. لا نعارض فكرة المشاركة، واذا اردتم دخول الجنرال (في الحكومة) فليدخل، ولكن في جو من الوفاق وبالتركيبة التي لا تمس الثلث». واضاف
بحدة: «لا يمكننا البحث في مثل هذه الأجواء الا من خلال طرح حل شامل، وخلافنا حول لحود من القضايا الاستراتيجية».
وبحسب المصادر أجاب بري بحدة: «هذه الطروحات تدفعنا الى البحث في التركيبة الحكومية، واذكركم بالثلث المعطل زائد واحد، والواحد المقصود حينها صار في موقع آخر، واذا تطورت الأمور ما رأيكم بأن اعلن باسمي وباسم الأخوة في الحزب بأننا سنضطر الى الخروج من الحكومة، وانتم تختارون الوزراء الشيعة الذين تريدونهم وتواصلون تحمل المسؤولية وحدكم؟». وأضاف: «اذا كنتم لا تريدون العمل بموجب الديموقراطية التوافقية السائدة في لبنان، وتصرون على الحديث عن اكثرية واقلية، فسمّوا وزراء من خارج امل وحزب الله. وسبق ان قلت للرئيس السنيورة: اذا كان الحل بالتنازل عن وزيري امل، فأنا مستعد لسحبهما وليعط العماد عون حصته».
وهنا رد الحريري لافتا الى الحديث المتكرر عن الثلث زائد واحد، وقال: «أريد التأكيد على تمسكنا بالوزيرين شارل رزق وطارق متري بما يضمن بقاءهما في التركيبة الحكومية. وعلى كل حال دولة الرئيس: انا اطرح باسم 14 آذار الاستقالة الجماعية لوزرائنا ولتشكلوا الحكومة انتم وحلفاؤكم».
وتدخل جنبلاط معقباً: «كل ما تقومون به بموجب امر عمليات من ايران لاسقاط الحكومة، فلماذا كل هذا الجدل؟».
وتحدث السنيورة فحذر من انعكاسات التوتر على الوضع الاقتصادي، ولفت الى ان مقدمات الأخبار في «تلفزيون المنار» باتت «الى حد كبير تشكل امر العمليات لليوم الذي يليها».
وسأل الحريري: «لماذا كل هذا الجدل؟ ليست هناك امكانية للوصول الى اي اتفاق على ما يبدو، والمماطلة واضحة للوصول الى الاثنين للنزول الى الشارع وكأن الأمر مرتبط بأجندة واضحة لا علاقة لها بكل هذا النقاش».
واعتبر الرئيس امين الجميل ان «البلد يعيش فترة انتقالية، والترقيع المطروح بتعديل الحكومة أو توسيعها يؤجل المشكلة ولا يحلها، وحكومة الوفاق ليست الا قنبلة موقوتة يمكن ان تنسف في اي وقت كل الحلول. من الأسهل ان نقارب الحل من موقع رئاسة الجمهورية فنحل مشكلتين في آن مشكلة الحكومة من داخلها ومشكلة الرئيس السنيورة مع لحود». ولفت الى «اننا نتهرب اليوم من مشكلة رئاسة الجمهورية والمشكلة واقعة بعد خمسة اشهر او ستة ، فلنتفاهم ونختصر المراحل، فندعو الى انتخاب رئيس جديد ونعمل لتشكيل حكومة وحدة وطنية ونضع قانون الانتخاب الجديد».
واعتبر جعجع ان «المشكلة اكبر من الحديث الجاري والحل المطروح ليس حلاً وأعتقد ان ما تطرحونه علينا هو التنازل عن كل شيء، فلحود موجود في قصر بعبدا بقوة حزب الله والتغيير الحكومي المطروح علينا نوع من الانتحار».
وقاطعه جنبلاط: «المطروح لدينا لبنان اولا، هذا الأمر ليس اولوية لديكم، واذكر هنا ان الرئيس بشير الجميل اغتيل عندما قال للاسرائيليين لبنان اولا بعد رفضه شروط بيغن. اصراركم على دعم لحود سيودي بكل منجزات المقاومة».
وقدم عون مداخلة وهادئة دعا فيها الى تجاوز البحث بالثلث المعطل الى «امكان اجراء انتخابات نيابية مبكرة في اسرع وقت ثم اجراء انتخابات رئاسية مبكرة ونعود الى الحياة الطبيعية».
وتدخل الحريري بحدة قائلاً: «يبدو اننا اتينا الى الحوار او التشاور، والقرار المسبق متخذ بالاستقالة والنزول الى الشارع، وهذه هي الخدعة التي انطلت علينا. النزول الى الشارع يعني ان هناك فريقا يريد تغيير اصول اللعبة».
وارتفعت حدة التوتر فطلب الجميل وجعجع والمر وآخرون من بري رفع الجلسة لتبريد الأجواء. وبعد ربع ساعة عاد الجميع الى الطاولة وسط استمرار جو التوتر الذي كان باديا على الوجوه. فأعاد الجميل وجعجع وآخرون طرح التأجيل 48 ساعة ليعود كل طرف الى فريق عمله، وهكذا كان فأعلن بري التأجيل يومين.