300 مليون دولار على “الإيواء” مصدرها ايران
قبل عدة أيام، تلقى أصحاب البيوت والمحال المدمرة في ضاحية بيروت الجنوبية اتصالات هاتفية من قيادة «حزب الله» تدعوهم فيها للحضور الى مبرّة السيدة خديجة على طريق المطار عند السادسة والنصف من عصر أمس. كان هدف الدعوة مناقشة آلية إعادة الأعمار. لم يخطر ببال المواطنين المتوافدين بكثرة الى المكان أنهم سوف يكونون بعد دقائق في حضرة الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله الذي أراد أن يناقش مشاكلهم ويستعرض حلولها الممكنة بنفسه.
كان الكلام في السياسة أقل من العادة، لكنه بدا كافياً لإيصال وجهة نظر الحزب من الأحداث الأخيرة التي تشهدها البلاد. أعرب نصر الله عن ارتياحه لأنه لا يشعر هذه المرة بالحرج من كون حزبه معارضاً لسياسة الحكومة ومشاركاً فيها في الوقت نفسه. وكشف أنه قال للحريري في لقاء المصالحة الأول «نحن لا نملك جنسية ثانية. لقد ولدنا هنا ونموت هنا وندفن هنا، ونجوع هنا ونشبع هنا، فلا يزايدنَّ أحد علينا بوطنيتنا وانتمائنا». وتساءل عن خوف الفريق الحاكم غير المبرر، فـ«إذا كانوا أكثرية فعلا فممّ يخافون».
طمأن “السيد” الحاضرين الى أن خطة اعادة الاعمار لن تتأثر بالأزمة السياسية الحالية، وأنها سوف تستمر كما يُرسم لها سواء بقيت هذه الحكومة أو سقطت، وإن كان قد أضاف لاحقاً أن «هذه الحكومة لن تبقى وسوف نأتي بحكومة أخرى، لن أقول إنها «أضبط» لأن هذه الحالية ليست «ضابطة» أصلاً». وكشف عن الحؤول دون تنفيذ آليات معقدة طرحتها الحكومة لخطة إعادة إعمار الضاحية الجنوبية، تقضي بتحويل المنطقة الى شركة عقارية، أي بنفس المنطق الذي أنشئت به شركة سوليدير بعد الحرب الأهلية. وأضاف أن الرئيس فؤاد السنيورة أرسل في طلب القطريين سائلاً إيّاهم: «لماذا تستعجلون الشروع في إعادة البناء!». وأثنى نصر الله على الدور الايجابي الذي لعبه الرئيس نبيه بري في هذا المجال.
وفي تفاصيل وجهة نظره لمشروع إعادة الإعمار، قال نصر الله إن مجموع ما دفعه حزبه حتى اليوم بدل «إيواء» وتعويضات هو 300 مليون دولار أميركي «كلها أموال شرعية وهي من السيد علي الخامنئي». وقال ان الحكومة وافقت على دفع مبلغ 80 مليون ليرة بدل تعويض عن كل وحدة سكنية 10 منها بدل أثاث و70 مليوناً بدل الشقة. وأضاف اذا زادت الكلفة عن المبلغ المذكور فالحزب سيتكفل بالباقي وهذا التزام وليس وعداً.
ووضع نصر الله خيارين أمام ضيوفه: «الأول: أن يتفق سكان المبنى الواحد على إعادة بناء مبناهم المُدمّر بأنفسهم بعد أن يقبضوا تعويضاتهم من الدولة والحزب. والثاني: أن يُفوّض الناس الى «حزب الله» عملية البناء وهو بدوره يكلف شركات لبنانية أو عربية أو أجنبية بأفضل المواصفات وفي أسرع وقت»، وهو أعلن أنّ المرحلة التنفيذية ستبدأ في فصل الربيع على أن تكون قد أنجزت كل المعاملات الادارية والقانونية والتحضيرات الفنية. وتحدث نصر الله عن مندوبين حزبيين يمثلون لجان المباني، كما أعلن عن انشاء مكتب خاص يستقبل المراجعات «ويمكنكم إرسال الشكاوى باسمي شخصياً». وحذّر وزارة المهجرين المعنية بتعويضات الاهالي من المماطلة في القيام بواجبها. وتمنّى على الأهالي ألا يغادروا الضاحية، «ابنوا مساكنكم من جديد، وعند الانتهاء قرروا ان كنتم تريدون بيعها أو البقاء فيها، فنحن شركاء وإياكم وفي النهاية كلنا «مطَيشرين».
واستنكر نصر الله الحديث الدائر عن تمييز في دفع التعويضات المالية على المتضررين وذلك من خلال تصنيفهم طائفياً ومذهبياً، ورد على مثيري الفتن بالقول «حتى المعادون والذين يشتموننا لهم حق علينا (...) لقد كانت هناك شفافية في التعاطي من قبلنا من الحدود الى الحدود».