أنطون الخوري حرب
يشير نمط التصعيد الهادئ للمعارضة في برنامج مواجهتها مع الحكومة، إلى اعتمادها منهجية استنفاد كل الخطوات الميثاقية والدستورية والقانونية بدءاً باستقالة الوزراء الخمسة ممثلي الطائفة الشيعية والوزير يعقوب الصرّاف، من الحكومة. وبما أنه ليس من هيئة دستورية يمكن الطعن أمامها باستمرار مشروعية الحكومة لمخالفتها الفقرة «ي» من مقدمة الدستور، تبقى أمام المعارضة وسيلتان لإطاحة هذه الحكومة واستبدالها بحكومة اتحاد وطني. الوسيلة الأولى حجب الثقة عن الحكومة في مجلس النواب، والثانية إسقاطها في الشارع.
الوسيلة الأولى تُعَدُّ ساقطة بعدم توافر الأكثرية النيابية للمعارضة، لذا تبقى الوسيلة الثانية هي الخيار الأخير. إلا أنه في هذه الأجواء يجري الحديث عن خطوة سياسية نوعية في سياق تصعيد المعارضة، تتمثل بالاستقالة الجماعية لنواب هذا الفريق من المجلس النيابي ليغدو هو الآخر فاقداً للشرعية، وهو ما يجبر الحكومة حينذاك على تنظيم انتخابات نيابية مبكّرة .
إلا أن لهذه الخطوة محاذيرها. فإذا أخلى نواب المعارضة المجلس النيابي، إذ إن الحكومة الحالية التي لا تعترف المعارضة بشرعيتها سوف تحيل قانون الانتخاب الذي يناسبها (القانون الحالي) على المجلس النيابي التابع لها بالكامل، وتكون بذلك قد أوقعت المعارضة في مأزق التناقض مع نفسها، وهو الأمر الذي يسبب ضعضعة صفوفها وأهدافها، وبالتالي تكون قد انتصرت على المعارضة وكرّست إقصاءها عن الحكم بالكامل.
اما إذا كانت المفاضلة هي بين الاستقالات النيابية الجماعية، والتحرّك الشعبي في الشارع، فيقتضي عندها المفاضلة بين المتاهة التي لا تنتهي منها السجالات والاجتهادات والفتاوى الدستورية والسياسية التي تربح من خلالها الحكومة الوقت والمواقع الدستورية، وتحرك شعبي ضخم وسلمي هادف ومضبوط يظهر حجم نقمة الناس على فساد وفشل الحكومة، وتالياً حتمية تغييرها. الخيار ستحسمه المعطيات السياسية المقبلة.