غسان سعود
«سنتظاهر سلاحنا المظلة اذا أمطرت والكاسكيت اذا شمّست»

تكثفت اجتماعات العونيين خلال الأيام الماضية. وشهدت مكاتب «التيار الوطني الحر» في معظم المناطق، عودة لافتة للنشاط والزخم الحزبيين، منذ قدّم الوزراء الشيعة استقالاتهم، رغم تأكيد العماد ميشال عون أن الموعد مع الشارع لم يحدد بعد، ومبكر الكلام عنه. وضمن هذا الجو من الحماسة وفد مسؤولو «التيار» أمس من مختلف المناطق إلى «قصر المؤتمرات» في ضبية، للمرة الثالثة منذ انتهاء العدوان الإسرائيلي الأخير.
عون أطل مستعيداً لهجةً وخطاباً، يشبهان إلى حد كبير لهجته وخطاباته في بعبدا، يوم كان يخوض «حرب بقاء». كانت التوقعات أن يكون «الجنرال» هادئاً. لكن النائب الكسرواني كان له رأي آخر، بدأ كلامه من ملف السوريين. قال «كان عنّا رستم غزالة واحد، صار عنّا أربعة أو خمسة رستم غزالة موزعين في المناطق». وتابع متهماً الفريق الحاكم بالاستئثار بالسلطة، «يبشرون بالاغتيالات السياسية، حصلت أربع عشرة عملية، ولم يقدموا خيطاً واحداً. هناك حد أدنى من الاحترام لعقل المواطن اللبناني، لا يستطيعون الاستمرار هكذا». وتابع «بدأوا الآن يهددوننا إذا نزلنا إلى الشارع. الآن عرفنا من يقوم بالجرائم في لبنان». وتابع «كل تبليغ للحكومة عن احتمال حصول أعمال شغب، يثير الريبة فينا بأن عناصر الدولة ستقوم بالشغب». وتوجه إلى وزير الداخلية بالوكالة مباشرة، قائلاً: «حضرة وزير الداخلية، ليس لنا القول إنك لا تريد أعمال شغب. ضب زعرانك من الشارع». ورأى عون أن الخلل في النظام تفاقم بعد أن قلب ثلاثة من الوزراء المحسوبين على رئيس الجمهورية «الجاكيت». ودعا هؤلاء إلى الاستقالة لفقدانهم الصفة التمثيلية.
وبعد أن كرر موقفه السابق الذي يسقط الشرعية الشعبية عن الحكومة بعد مخالفتها المادتين 52 و95 من الدستور، والفقرة (ي) من مقدمته الميثاقية، دعا الرئيس فؤاد السنيورة إلى شرح موقفه من مواد الدستور، لافتاً إلى عدم جواز الاجتهاد في هذه الحالة. وفي موقف هو الأول من نوعه على مستوى المعارضة، رأى الجنرال أن الحكومة فاقدة لشرعيتها، وبالتالي لن تطاع أوامرها بعد الآن.
وانتقد عون التطاول المستمر على موقع رئاسة الجمهورية. وسأل إذا كان السفراء الذين يتجاهلون الرئيس يحترمون الاتفاقيات الدولية، «وكيف يقررون إذا كان الرئيس شرعياً؟ وهل المجلس النيابي الذي انتخب وفقاً لقانون غازي كنعان شرعي؟». ورأى «أن من يتخذ خياراً، يكمل به حتى النهاية. أما الذين يقومون برهان فيبكون على الليرة ويصبحون ممسحة على أبواب الناس».
وعاد عون للكلام عن التظاهر، فقال: «كلما قلنا نريد التظاهر، هدّدونا بأن البلد على كف عفريت. نريد أن نعلم من وضعه على كف عفريت؟ نحن منذ 15 سنة خارج السلطة. ولماذا لم ترفع هذه السلطة الوطن عن كف العفريت؟ وأين المشكلة إذا كنا نحن الحاضرين في باريس 3، ووظفنا الأموال حيث يجب أن توظف؟ ومن يوحي بالثقة أكثر، نحن أم الذين هم اليوم في الحكومة؟».
وتوجه عون إلى السنيورة بالدعوة إلى عدم الاعتقاد أنه بحجم أميركا أو أوروبا، لمجرد أنهما تدعمانه.
وأنهى الجنرال من حيث بدأ، مقدّراً نضال العونيين ضد السوريين ومقاومتهم ببطولة. غامزاً من قناة النائب وليد جنبلاط عبر القول: «نحن قاومنا ودفعنا الثمن الباهظ، فيما غيرنا ظل يفاخر حتى اليوم بصداقته للسوريين، وخرج يرثي غازي كنعان بحزن، مقدراً أعماله في لبنان. كنعان الذي أرسل دباباته وطائراته لتقتحم بعبدا، حيث كنا نقاتل لتبقى الحرية والسيادة والاستقلال. وبعدذلك دفعنا الثمن. فيما هم اليوم يبحثون عن راجح ليوهموا الناس ببطولتهم. وهم مجموعة تريد أن يبقى الوطن شركة مساهمة، ونحن نريده وطناً حقيقياً لمواطنين حقيقيين». وأوجز الجنرال برنامجه للمرحلة المقبلة، بتأليف حكومة وحدة وطنية تقر قانوناً للانتخابات النيابية وتعين مجلساً دستورياً، ثم تجري الانتخابات النيابية، وينتخب رئيس جديد للجمهورية وبعدئذ تُؤلّف حكومة جديدة. ودعا السنيورة إلى الاستفادة من خبرات من سبقه وتصديقهم في ما يقولون.
خرج الإعلام، بقي الجنرال ومسؤولو المناطق والنقابات والطلاب. دار نقاش انتهى بدعوة القواعد إلى انتظار لحظة النزول إلى الشارع. ودعا إلى البدء منذ الغد بـ«تحضير القواعد» لموعد قريب جداً. مؤكداً أن الشارع يُستخدم لكتابة التاريخ، فـ«إما نفشل أو ننجح». ولفت إلى أن جميع الوسائل الديموقراطية متاحة، وسلاح «التيار» سيكون «الفولار والشمسية إذا أمطرت والكاسكيت إذا شمّست». ودعا القواعد إلى التيقظ ودحض كل ما تُسوقه «قوى البريستول» من شائعات. وقدم بعض التفاصيل عن اجتماعات التشاور.