مجرد انتخابات
  • أحمد باسم سبيتي

    بصفتي طالباً في إحدى جامعات لبنان «الراقية» نسبياً، فهذا يجعل مني نجماً، وخصوصاً مع بدايات العام الدراسي، ولا يكلفني الامر أي جهد يذكر، يكفي وجود اسمي في «لوائح الطلاب».
    إنّه موسم «الانتخابات الجامعيّة»! ففي كلّ عام، ومع حلول التشرينين، تتقلّب الأجواء في جامعات لبنان؛ وتتلبّد سماؤها بغيوم الشعارات السياسية، وتصفّر رياح التحالفات منذرة بأعاصير وسيول لوائح. والويل كلّ الويل، لمن يصادف وقوفه في مجرى تلك السيول، فإمّا أن ينجرف راضياً، أو أن يهلك ممانعاً!
    باختصار شديد، تمسي الجامعات في هذه الفترة مستوعبات حقيقية لمخلّفات الشوارع السياسية حيث يعيش الطلاب وطأة الإشعاعات المنبعثة منها، ناهيك عن الصبغة والتلوينة المفروضة على كلّ واحد انطلاقاً من اسمه، اسم والده أو حتّى قياس حذائه!!
    لن أدّعي وأقول إني أفهم أسباب هذه الظاهرة رغم أنّي أتفهّمها جيداً، وأتفهّم المؤشّرات والحسابات التي ينتظرها ويراهن عليها الكثير من عشّاق السباقات ومدمني
    الأرقام. لكنّها حسرة في نفسي أن أجد خيول هذه السباقات طلاباً ومثقفّين هم أفهم وأفقه من العديد من «زعماء» المراهنات الذين يتربّعون على عروشهم، الموروثة أصلاً، وهمّهم الوحيد أن يروا أبناءهم من بعدهم أكثر نفوذاً وأشد سلطة.
    لا أقول كلامي هذا من دافع «ثورجي» أو انقلابي، إذ إنني أدرك جيداً قيمة العمل السياسي والديموقراطية المزعومة فيه، كما إنني أحترم كافة السياسيين وأقدر عيونهم الساهرة على مصلحة الوطن وحمايته. إلا أني أعلم أيضاً أنه ما من «إصلاح ولا تغيير» في هذا البلد إن بقي شبابه، على حالهم، الذي يجعل منهم مجرد أتباع لا يجيدون إلا لغة التصفيق الحار.
    ختاماً، أرجو من رجال ومحبّي و«أحزاب» هذا البلد، أن يرأفوا به قليلاً.

    مختبر لفحص الوطنية

  • ثائر أمين

    بما يشبه اللازمة، درج قادة ومسؤولو فريق « 14 شباط» على استخدام اصطلاح «فحص الدم». فهم كلما تعرضوا لسؤال من أية جهة كان، يستحضرون جوابهم: «هل سيتم فحص دمنا يومياً؟» أو «لقد انتهينا من اختبار فحص الدم». وبالتالي فمعنى جوابهم ومغزاه أنه لا يمكن التشكيك بوطنيتهم وإخلاصهم لوطنهم.
    يقودنا ذلك الى ضرورة إنعاش الذاكرة قليلاً والوقوف عند بعض المحطات المعبرة. في عام 1975 اندلعت الحرب الأهلية اللبنانية وأدت الى ما أدت. هل مسموح السؤال من أجّجها ومن تجاوز كل الخطوط الحمر في أصول التعايش والمواطنة؟
    في عام 1982 استدرج العدو الإسرائيلي الى لبنان وعاصمته بيروت وكانت التحضيرات للاجتياح قد بدأت قبل أعوام. هل يسمح بالحديث عن الأدوار اللبنانية التي ساهمت في استقدامه؟
    في عام 1982 انتخب رئيس للجمهورية اللبنانية بإشراف الدبابات الإسرائيلية، ترى هل يسمح بالسؤال أو الاستفسار؟
    في عام 1983 صادر العدو الاسرائيلي كل سلاح مقاوم، لكنه أبقى على سلاح الطوائف، وفي العام نفسه اندلعت حرب الجبل وحصلت مجازر وتنقل السلاح تحت أعين الجيش الاسرائيلي. السؤال لماذا لم يصادر ذلك السلاح؟
    في عام 1989 صدرت وثيقة الطائف وأعلن عن انتهاء الحرب الأهلية، فوجئ أهالي المخطوفين الذين كانوا يزورونهم دورياً في معتقلات إحدى الميليشيات بأن أبناءهم باتوا في اسرائيل. هل سأل سائل عن ذلك؟
    في عام 1993 حصلت حرب الأيام السبعة وتواطأ البعض مع الاميركيين والاسرائيليين لإكسابهم بالسياسة ما عجزوا عن كسبه بالحرب. هل يسمح بالسؤال كيف ذلك ولماذا؟
    في عام 2004 تواطأ البعض وتآمر على لبنان ومقاومته واستجلب قراراً دولياً هو الـ1559 لتجريد لبنان من المقاومة التي هي أهم عناصر قوته ومنعته نزولاً عند ارتباطات مشبوهة. وفي تموز 2006 تعرض لبنان لأبشع وأعنف وأقسى عدوان، فاختار بعضنا ممارسة الخيانة والتآمر والطعن بالظهر، هل يسمح بالسؤال من استدرج ذلك العرض؟
    بعد هذا العرض الموجز، لا بد من الخلوص الى ضرورة اخضاع هذه الحفنة الى فحص وطنية يومي. لكن وفرة المرشحين ربما فرضت تعيين اكثر من مختبر واحد.