strong>نقولا أبو رجيلي ــ عفيف ديابأطلق على قرى «الشرقي» في البقاع لقب «موسكو البقاع» إثر إقامتها قدّاساً عن روح ستالين عام 1953. لكن، بعد الانتخابات النيابية الأخيرة وتعاظم نفوذ التيار الوطني الحر داخل هذه القرى، ثمّة من اقترح تحويل اسمها إلى «جنينة البرتقال». فهل تغيّر هوى هذه القرى؟

يتذكّر أهالي قرى رعيت ودير الغزال وقوسايا، أو «قرى الشرقي»، بطرافة وحبّ يوم أقاموا قداساً وجنازاً على راحة نفس الزعيم السوفياتي جوزف ستالين. فأصبحت هذه القرى تُعرف بـ«موسكو البقاع»، إثر هذا القداس ومسيرات التضامن مع الاتحاد السوفياتي.
هذا اللون الأحمر القاني الذي رفعته هذه القرى بدأ يأخذ طريقه نحو التراجع، أو بدأ اللون البرتقالي يزاحمه بين الشباب والصبايا الذين أطلقوا بعد الانتخابات النيابية في السنة الماضية اسم «جنينة البرتقال» على هذه القرى، تيمّناً بلون التيار الوطني الحر الذي يجد له اليوم تربة خصبة في هذه القرى، ولا أحد يزاحمه فيها، ولا سيما أنّه يلتقي مع الحزب الشيوعي في كثير من الأمور السياسية وبناء الدولة العلمانية.
حال رعيت ودير الغزال هي كحال بلدة كفررمان في جنوب لبنان المشهورة بـ«كفر موسكو». أما قداس ستالين فأقيم بعد وفاته في عام 1953 في كنيسة مار جرجس للروم الأرثوذكس في دير الغزال، ورأسه الخوري الراحل جرجس الدبس. وانتهى القداس بمسيرة شعبية جابت شوارع القريتين، واختتمت بمهرجان سياسي في بلدة رعيت بحضور وزير أول يمثّل حكومة الاتحاد السوفياتي، إضافة الى قيادة الحزب الشيوعي عامذاك.
في فترة التسعينيات، شهدت قرى «الشرقي» تحوّلات سياسية بعد انتهاء الحرب اللبنانية وانهيار الاتحاد السوفياتي، ما سبب حالاً من التراجع في نشاط أعضاء الحزب الشيوعي والمناصرين له الذين قاموا بعدة أنشطة تنموية، منها مساهمتهم في بناء قاعة كنيسة وحدائق عامة، لكنهم لم يملكوا الكلمة «الفصل» في أي نشاط انتخابي عام أو محلي.
التراجع هذا أدى الى دخول «التيار الوطني الحر» الذي بدأ يملأ الفراغ بعد الانسحاب السوري من لبنان ربيع عام 2004، وأصبحت قرى «الشرقي» تعرف بـ«جنينة البرتقال». وعن أسباب إطلاق هذه التسمية الجديدة على «خط» القرى الأحمر، يقول إبراهيم الدبس من دير الغزال إنه: «ليس هناك أي تحوّل ولكن الشعارات والطروحات التي أطلقها التيار الوطني الحرّ وخاصة العلمانية منها ونبذ الطائفية التي يؤمن بها ويمارسها معظم الأهالي لاقت بعض الارتياح. وهذا ما دفع الناس الى الاقتراع للائحة المدعومة من العماد ميشال عون الذي كان متحالفاً مع الحزب الشيوعي في دوائر أخرى، ما أزعج بعض التيارات السياسية. أما التسمية فجاءت من أحد الزعماء التقليديين المرشحين، الذي لم يحالفه الحظ في انتخابات عام 2005 فأطلق اسم جنينة البرتقال على قرى الشرقي».
ويقول قيادي في الحزب الشيوعي اللبناني في رعيت إنه «لا تحولات في مزاج الأهالي، فالذين أحبوا ستالين والاتحاد السوفياتي العظيم والحزب الشيوعي اللبناني لا يفكرون يوماً بالإخلال في انتمائهم الوطني. وما دخول التيار الوطني الحر الى هذه القرى إلا جراء التربة الخصبة عند الأهالي الذين لا يعرفون الطائفية أو المذهبية، وكذا حال الحزب الشيوعي الذي لا يجد في دخول التيار الوطني الى قرى الشرقي مزاحمة أو منافسة. فلكل فرد منا هنا حرية معتقده وموقفه السياسي الذي لا يخرج عن الانتماء الوطني الموحد».
وفي المقابل، يرى أحد قياديي التيار الوطني الحر في زحلة في امتداد التيار الى قرى الشرقي «حالة طبيعية جداً». و«نحن نعلم اليوم أن اللون الأحمر لا يختلف عن معتقدات اللون البرتقالي، فالحزب الشيوعي اللبناني يؤمن بدولة عادلة وعلمانية، ونحن بدورنا نؤمن بهذه الأفكار ونعمل على تحقيقها». وعن إطلاق تسمية «جنينة البرتقال» على هذه القرى بعد أن كانت تعرف بـ«موسكو البقاع»، يقول القيادي «البرتقالي» ممازحاً: «لا فرق بين الأحمر والبرتقالي، فمن موسكو البقاع الى جنينة البرتقال وحدة شعبية ومطلبنا واحد بناء دولة عادلة وقوية».