جورج شاهين
بمعزل عن الروايات الكثيرة لم تتبلغ القيادة الكتائبية ولا عائلة الشهيد بيار أمين الجميل أية معلومات عما يسمّى في مثل هذه الحالات «الخيوط التي يمكن أن تدل الى اكتشاف المنفذين او المخططين لجريمة الاغتيال»

في انتظار ما يمكن ان تؤدي إليه التحقيقات في جريمة اغتيال الوزير الشهيد بيار الجميل، والتي بوشرت منذ اللحظة الأولى من مؤشرات في هذا الاتجاه، يبدو الخوف كل الخوف ان يبقى المخطط والمنفذ مجهولاً كما كل الجرائم الأربع عشرة السابقة.
في هذه الأجواء بقيت اجتماعات المكتب السياسي الكتائبي مفتوحة منذ اللحظة التي أعقبت الجريمة للتداول في المعلومات الأولية التي توافرت عنها وظروفها والنتائج المترتبة عليها، ومن هو المستفيد وما هي الأهداف. وهو ما يعتبر الحد الأدنى الذي يمكن توقعه او قراءته في هذه المرحلة بالذات. ورغم الانشغال بالترتيبات الخاصة بالجنازة وتوفير الظروف الفضلى لتكريم «شهيد الشباب»، كانت هناك قراءة تستند الى جملة عناصر في أساسها الإشارة الى السؤال، من هو هذا الشهيد؟
إنه النجل الأكبر للرئيس الأعلى لحزب الكتائب رئيس الجمهورية الأسبق أمين الجميل، حفيد الرئيس المؤسس للحزب وحامل اسمه، نائب المتن، عضو المكتب السياسي، رئيس مجلس المحافظات والأقاليم الكتائبية، المؤهل لقيادة الحزب عند أول استحقاق انتخابي، ووزير الصناعة في حكومة الرئيس فؤاد السنيورة والماروني الخامس فيها، وصاحب الرقم 18 في عديدها من اصل 24. وبلغة رقمية أوضح، إنه الوزير صاحب الرقم المركب: اكثرية الثلثين +2، (قبل عودة الوزير حسن السبع عن استقالته قبل ظهر امس).
ما هي الأهداف المقروءة؟
استناداً الى بعض المعطيات يمكن الاشارة الى الأهداف التالية:
ــــــ إنقاص عدد الوزراء في الحكومة الحالية، فبعد استقالة الوزراء الستة من الحكومة بات النصاب القانوني لعقد أي جلسة متوقفاً على استقالة او تغييب ثلاثة وزراء، وقد سبق لكثر أن حذروا من معلومات تشير الى استهداف بعض الوزراء لضرب النصاب القانوني لتكوين مجلس الوزراء.
ــــــ إثارة الفتنة المسيحية ــــــ المسيحية وخصوصاً أن الساحة السياسية تغلي في ظل الصراع القائم بين الموالاة والمعارضة، وتعدد السيناريوهات التي تتحدث عن فتنة طائفية او مذهبية.
ــــــ استهداف «القيادي الكتائبي الشاب» الذي سعى منذ اللحظة الأولى لإنجاح مشروع التوحيد الكتائبي بعد عقدين ونصف من الفراق الكتائبي الداخلي، وعمل ما بوسعه لاستيعاب المصالحة بين ما كان يسمى «الحركة الاصلاحية» والشرعية الحزبية المتمثلة بالقيادة السابقة للحزب برئاسة الرئيس كريم بقرادوني الذي كان يأمل بدور قيادي للشهيد الشاب ومعه الكثيرون من اعضاء القيادة الكتائبية.
ــــــ ضرب المشروع الكتائبي الذي قاده الشهيد لاستنهاض القواعد الحزبية وإعادة التواصل بين القيادة وهذه القواعد على انتشاريتها الواسعة على مستوى الوطن من شماله الى جنوبه ومن عاصمته الى عمق البقاع، وهو الذي رأس منذ حوالى سبعة أسابيع أكثر من 145 اجتماعاً في الأقسام الكتائبية في مختلف المناطق واستعاد الآلاف من الكتائبيين القدامى لتجديد بطاقاتهم الحزبية، عدا عن الانضواءات الجديدة التي جمعت أكثر من ثلاثة آلاف بطاقة حزبية جديدة حيث توالت حفلات قسم اليمين، التي كانت ستتوّج في احتفال الحزب في يوبيله السبعين في 17\12\2006 بحفل قسم يمين لم يشهده الحزب من قبل.
ـــــــ التوقيت الذي نفذت فيه عملية الاغتيال بالتزامن مع طرح مشروع النظام الداخلي للمحكمة الدولية الخاصة بلبنان على مجلس الأمن الدولي للموافقة عليه، أدى الى الربط بين الجريمة وسابقتها باغتيال النائب جبران تويني يوم طرح طلب لبنان الى الأمم المتحدة لإقرار المحكمة الدولية في مجلس الوزراء اللبناني.
تعترف الأوساط الكتائبية بأن كل هذه القراءات واردة ولها ما يبررها، وأن التحقيقات هي التي تحدد الخيط الأسود من الأبيض، وهي التي تلقي الضوء على الحقائق مهما كانت صعبة. الى ذلك الوقت ينبغي التوقف عند سلسلة مواقف لوالد الشهيد، الرئيس الأعلى للحزب الرئيس أمين الجميل، الذي كان واضحاً عندما دعا إلى «ضبط النفس والتعاطي مع الجريمة بما تستحق من هيبة، وتجنيب الفتنة مهما كانت الكلفة ورفضه الانتقام وإثارة الغرائز». كما كان رئيس الحزب كريم بقرادوني واضحاً في تحليله لأهداف الجريمة عندما رأى في اجتماع المكتب السياسي للحزب بعد ظهر امس ان من اهدافها «زرع الفتنة الداخلية داخل الصف المسيحي وضرب مستقبل الحزب قياساً على رهانه الكبير على القيادة الواعدة «للشاب الشهيد» وما كان يتوقع له من دور قيادي في المستقبل القريب».