strong>نادر فوز
افتقدت مواقف السيارات في ساحة الشهداء و«سوليدير» سيارات الموظفين والزائرين، وفرغت المقاهـــي والمطاعم من روادها، فلم يجُب تلك المنطقة إلا بعض الكتائبيين في مسيرات سيّارة وبعض الأشخاص المهــــتمين بلصـــق صـــور «الشــــهيـــد» ضـــمن حـــملة «لـــن نـــنـــسى».
أما في الصيفي، فكانت التجمعات الشبابية تتواتر على «بيت الكتائب»، لتنطلق في مسيرات إلى باقي المناطق البيروتية حاملةً أعلام الكتائب وصور «الشهيدين بشير وبيار» وسط أناشيد المقاومة اللبنانية. وبدأ بعض الكتائبيين الآخرين الاستعدادات لإضاءة الشموع مساءً.
ساحة ساسين التي اعتادت أن تستضيف مقاهيها ومطاعمها الزوار كانت شبه خالية، فاكتفى رجال القوى الأمنية بمراقبة بعض المارة. استبدلت صورة «بشير»، التي علّقت يوم ذكرى اغتياله في 14 أيلول الفائت، بملصق يحمل شعار «إمّنا... بتلمّنا».
آثار التعرض لصور الجنرال عون واضحة، لكن الأجواء بالقرب من مركز «التيار الرئيسي في منطقة الأشرفية» تبدو هادئةً، فيما كان بعض أنصار «البرتقالي» خارج مركزهم، ربما لحمايته أو لإثبات وجودهم بعد الهجمة الأخيرة التي لحقت بهم مساء أمس.
وبالقرب من مركز التيار، فتحت بعض الكنائس أبوابها أمام المصلّين «عن روح الشهيد»، تلبيةً لما أوصى به الرئيس الأسبق أمين الجميّل.
سوق «فرن الشباك» بدوره تأثر بالعيد والاغتيال، فأقفلت معظم محلاته أبوابها، فيما قام بعض التجار الآخرون بفتح محلاتهم «نصف فتحة»، كالأفران وبائعي لوازم الهواتف. قام بعض الشبان من مركز حزب الكتائب في فرن الشباك بتعليق لافتات وصور ضخمة لشهيدهم، كما زيّنوا قسماً من الشارع بشرائط بيضاء شبيهة بالتي تزيّن بها الأعراس، «لأنّ بيار راح شابوفي الحازمية، قامت البلدية بـ«تزنير» شوارعها بالشموع تكريماً لـ«الوزير المغدور»، إضافةً إلى الأعلام اللبنانية التي كانت قد رفعت احتفالاً بعيد الاستقلال. شوارع الحازمية خالية كالعادة في المناسبات، حتى معظم التجار بقوا في منازلهم، حداداً. ليس بعيداً من مستديرة الصياد، عند تقاطع «مار مخايل» (الشياح)، كانت الشوارع أكثر حيويةً من باقي المناطق؛ مستديرة «الطيونة» تعجّ كالعادة بالسيارات، وشهدت حشداً كثيفاً من عناصر الجيش. آليات عسكرية ضخمة تمركزت في المكان، شبيهة بتلك التي اتّخذت تقاطع «صنين - الأسعد»، عند مفترق عين الرمانة - الشياح، مركزاً دائماً لها. لكن مشهد عناصر الجيش وهم يتوزّعون حول «المستديرة» لم يؤثّر كثيراً في الناس، لا بل زادهم ثقةً، فاحتلوا معظم الكراسي في مقاهي المنطقة. لكن «الشارع العريض» في عين الرمانة خلا من زحمته الاعتيادية. لم تعدّل فيه اللافتات والصور أيضاً، فبقيت شعارات القوات اللبنانية لذكرى «شهدائها» وصور «بشير» ولم تعلّق صور «للشهيد الجديد»، ولم يرفع أي علم كتائبي، فيما بقيت الأعلام اللبنانية مرفوعةً بمناسبة «الاستقلال».
فيما كانت مناطق «الشرقية» تغوص في حداد واضح، لم تتأثر كثيراً مناطق «الغربية» بحيث زاول عدد كبير من المواطنين عاداتهم اليومية. فهناك من تابع عاداته الرياضية اليومية، أو جلس في قهوته الاعتيادية لاحتساء الشاي ولعب «الطاولة»، أو فتح «باب رزقه».
طريق الجديدة والبسطة ومار الياس، ومناطق عديدة أخرى، كانت تستقبل زوارهــا بـــشكل شـــبه اعتيادي.
لكن في المساء، قام بعض أنصار «المستقبل» و«الاشتراكي» بتنظيم مسيرات بالسيّارات في شوارع بيروت، حاملين أعلامهم وصور شهدائهم ومندّدين بخصومهم بدءاً من نصرالله وصولاً «لأكبر راس فيهم».
ولم تقتصر مسيرة «السيّارات» على الشعارات، فكان لا بدّ من إضفاء بعض «الأكشن» عليها. ولدى وصول الموكب إلى شارع إميل إدّه، اعترضت إحدى السيّارات طريقه وشتمت «وليد بيك»، فلم يرق لمناصري الأخير هذا الأمر، وترجّلوا من سيّاراتهم وبدأوا بشتم «نصر الله والأسد» متوعّدين بالردّ القاسي في تشييع الوزير الجميّل.
وفي ساحة ساسين، تجمّع ليلاً عشرات المناصرين من القوات اللبنانية، مطلقين الشعارات والأناشيد.