الرشيدية ــ بهية العينين
قرر الطالب الفلسطيني محمد سمير الحاج موسى (11 سنة) الذهاب الى المدرسة في مخيم الرشيدية، على رغم انه فقد قدميه في انفجار قنبلة عنقودية من مخلفات العدوان الاسرائيلي على المخيم في تموز الماضي، وكان قد أُخضع لعلاج لمّا يكتمل.
عاد محمد الى صفوف الدراسة على عربة من دون أطراف اصطناعية. وقد احتفل زملاؤه بوصوله الى قاعة الصف وهم في حالة من الحزن. وصفقوا له على أمل ان تقوم مؤسسة انسانية محلية أو دولية بتركيب قدمين اصطناعيتين له قريباً.
يروي محمد كيف حُمل الى عدد من المستشفيات في صور وصيدا إلى أن حط به الرحال في أحد مستشفيات العاصمة، آملاً أن تُركّب له قدمان اصطناعيتان، لكنه لم يوفق لأنّه فلسطيني.
بكى ثم قال: إنني مولود من أب فقير جداً لا يستطيع أن يوفر لي ولإخوتي السبعة رغيف الخبز فكيف في استطاعته ان يأخذني الى الخارج من أجل تركيب قدمين اصطناعيتين وهو لا يملك أجرة نقلي الى بيروت؟
وناشد محمد اللجنة الدولية للصليب الأحمر بصفتها المعنية بضحايا الحروب وخاصة من الأطفال أن تسارع الى نقله الى سويسرا كي تركب له قدمان يستطيع بواسطتهما الدخول الى قاعة الصف في المدرسة من دون مساعدة من أحد. وشكر عمته فاطمة التي تنقله بواسطة عربة الى المدرسة صباح كل يوم ثم تعيده عند انتهاء الدوام.
يكبر محمد بعد مرور أكثر من ثلاثة شهور على انتهاء العدوان الاسرائيلي ويشاهد على شاشات التلفزة الدعوات الدائمة من أجل مساعدة ضحايا الحرب في لبنان، وكأنه ليس واحداً من هؤلاء الضحايا.
ويسأل بمرارة هل يحق لي أن أصرخ للمرة الأخيرة أمام الملوك والرؤساء العرب ليعتبروني طفلاً عربياً منكوباً، ولا سيما انهم احتفلوا منذ أيام بيوم الطفولة العالمي؟
ولا ينسى محمد أن يذكّر بأن والده سمير جرح أيضاً بقنبلة مماثلة في المخيم. ويقول ان ما شاهدته من ضحايا وأطفال مجزرة قانا الأخيرة يعيدني دائماً إلى الخوف على مصير الأطفال الجنوبيين لبنانيين وفلسطينيين، لكنّ ما حزّ في نفسي هو أنني رأيت أطفالاً لبنانيين تركب لهم أطراف اصطناعية في مستشفيات العاصمة بينما عدت أنا مع والدتي الى المخيم حزيناً بعد ان فقدت الأمل في إمكانية ان أعود طفلاً يلعب ويمشي ويذهب الى المدرسة حتى بقدمين اصطناعيتين.