ابراهيم عوض
بدا الرئيس أمين الجميل متحمساً لعمل «شيء ما» يخرج البلد من حال التأزم التي يعيشها، «لكنّ يداً واحدة لا تصفق. ولا بد من تعاون الجميع وتقديم تنازلات متبادلة». قالها مجيباً على تمني معزين له أمس القيام بمبادرة لجمع الشمل تنطلق من كلام «رجل الدولة» والموقف «التاريخي» الذي اتخذه إثر اغتيال نجله الوزير بيار الجميل الذي دعا فيه إلى التأمل والصلاة.
يمضي الأب المفجوع في حديثه متوجهاً إلى من حوله وبينهم وفد من المجلس الوطني للإعلام وشخصيات سياسية وحزبية: «فور تبلغي نبأ اغتيال بيار قفزت إلى ذهني صورة الزعيم الراحل كمال جنبلاط وما جرى بعد اغتياله من أعمال ثأرية أودت بحياة مئتين من أبنائنا في الجبل. خفت أن يتكرر المشهد فسارعت إلى توجيه النداء - التحذير الذي فعل فعله والحمد لله مرت الأمور على خير».
ويعود الجميل إلى «المبادرة» ليوضح أن أصل الأزمة يتمحور حول ثلاث نقاط: رئاسة الجمهورية، المحكمة الدولية وحكومة جديدة. الأولى يرى فيها «أصل العلة»، ويشير إلى أن العالم يقاطع الرئيس اميل لحود. «وفي الداخل هناك من يدعي حرصه على رئاسة الجمهورية، لكن أحداً من كتلته، وأعني بذلك العماد ميشال عون، لم نره في قصر بعبدا. وحين نأتي للبحث في موضوع انتخاب رئيس جديد تقوم الدنيا ولا تقعد ويأتيك من يقول إن هذا الأمر بيد الرئيس بشار الأسد الذي يريد المساومة عليه مع الأميركيين».
في المسألة الثانية، أي المحكمة الدولية، «لم نجد تفسيراً لموقف وزراء حركة أمل وحزب الله سوى عرقلة إقرارها، لا بل تعطيلها رغم ما يصرحون به من أنهم مع مبدأ إنشاء المحكمة، متذرعين بضرورة البحث في بنودها فيما الشيطان يكمن في التفاصيل».
ونأتي إلى النقطة الثـالثة المتعلقة بتشكيل حكومة وحدة وطنية التي لا أظن أحداً يرفض فكرتها، ولكن علامَ التمسك بالثلث المعطل؟ وما الغاية من ذلك سوى الإمساك برقبة الحكومة؟».
ويلفت الجميل إلى أنه لطالما كان «سيد المبادرات» ويذكّر بأنه حرص بعد انتخابه رئيساً للجمهورية على توجيه خطاب عيد الاستقلال من ثكنة الجيش في بئر حسن لما في ذلك من دلالات واضحة، كما يروي أنه لدى تبلغه نبأ محاولة اغتيال وليد جنبلاط همّ بالخروج من قصر بعبدا والذهاب إلى منزله للاطمئنان عليه، إلا أن مدير المخابرات حينذاك جوني عبدو حاول منعه حرصاً على سلامته، فنهره قائلاً: «أنت مدير مخابرات عليك أن تهتم بعملك فحسب، أما أنا فلا بد لي من زيارة جنبلاط، وإن لم أفعل فلا أستحق أن أكون في هذا القصر».
ويبدي الجميل استياءه من تصرف فريق المعارضة ورفضه «تقديم» أي تنازل في المسائل الثلاث، وهو الأمر الذي يذكره بالرد الروسي المعروف «نيت.. نيت..»، أي لا وألف لا. كما يحمل على تلويح هذا الفريق بالنزول إلى الشارع مؤكداً أن الفريق الآخر قادر على استخدام الشارع أيضاً، محذراً في الوقت نفسه من «مخاطره وما يمكن أن ينجم عنه من حوادث وسقوط ضحايا تعيدنا إلى أجواء الماضي وتجعلنا ننتظر الوسيط أمثال الشاذلي القليبي والأخضر الإبراهيمي».
ويُسأل الجميل عن موعد زيارة العماد عون له فيجيب بشيء من الانفعال: «بيتي مفتوح للجميع والكل جاءنا معزياً بمن فيهم نواب من فريقه. أهلاً وسهلاً حين يشاء، لكن يبدو أن لديه محاذير وحسابات خاصة»، لافتاً إلى أن مواقف عون «لم تلق قبولاً لدى شريحة واسعة من المجتمع المسيحي وثمة من يسأل: لماذا لا يقوم بإقناع حلفائه بتقديم أي تنازل».
ولم يتوقف الجميل طويلاً عند توقيف مجموعة مسلحة تابعة لـ«القوات اللبنانية» أثناء قيامها بعمليات تدريب على السلاح في جرود كسروان، ورأى أن المعنيين سارعوا إلى توضيح الخبر، وتبين أن هذه المجموعة مكلفة بحماية المؤسسة اللبنانية للإرسال ورئيس مجلس إدارتها بيار الضاهر، وليست هي المرة الأولى التي تقوم فيها بأعمال تدريب، كما أنها تفعل ذلك في وضح النهار.