الجنوب - الأخبار
لا تجد قوات حفظ السلام «اليونيفيل» تجاوباً من ابناء المنطقة الحدودية، خلال بحثها عن أراض أو عقارات لإنشاء مراكز عليها. ينطبق ذلك على رأس الناقورة في منطقة صور، مروراً ببلدات وقرى قضاء بنت جبيل والقطاع الأوسط، وصولاً إلى منطقة العرقوب. لا ينبع عدم التجاوب هذا من موقف سياسي من هذه القوات، بل من انعدام الثقة نتيجة المماطلة في دفع ديون قوات الطوارئ لأصحاب الأراضي التي شغلتها منذ قدومها إلى جنوب لبنان عام 1978، ثم أخلتها قبل تسديد المستحقات، المحالة إلى وزارة المالية اللبنانية التي سددت للمستحقين نحو 45 بالمئة منها. ولم يترك أصحاب الأملاك باباً إلا طرقوه، سعياً للحصول على ما لهم في ذمة «اليونيفيل» بعدما تهربت الدولة من التزام واجباتها على مدى سبع سنوات، بعد حصولهم على الدفعة الأولى من التعويضات عام 1999.
ويأخذ أصحاب البيوت والعقارات التي كانت مشغولة من قوات الطوارئ الدولية العاملة في الجنوب على الجهة المستثمرة، أنها تركت الأمر إلى وزارة المال لعلها تفرج عن المستحقات المثبتة بقرار مجلس الوزراء القاضي بدفعها كاملة لأصحاب العقارات المشغولة ما بين عامي 1995 و1999. والجدير بالذكر أن الدولة «أكلت» على العشرات من المستحقين، إيجار سنوات ما قبل عام 1995، فضلاً عن الاعتراضات على طريقة التخمين وافتقارها لمبدأ استخدام كامل العقار بعد إشغال جزء منه، و«غوغائية» هذا التخمين، وعدم الأخذ بمبدأ التعويض من أجل إزالة ركام المنازل التي استخدمت أكثر من عشرين عاماً وباتت في حكم التالف أو المتصدع.
ففيما أخلت الوحدات الفيدجية والنيبالية والإيرلندية والفنلندية، نحو مئة من هذه العقارات وأعادتها إلى أصحابها، برزت مشكلة رفع بقايا المواقع المتروكة بين دشم ومكعبات اسمنتية وتحصينات. من هنا، لم يستجب أصحاب العقارات التي تسعى «اليونيفيل» إلى استخدامها مراكز جديدة لوحداتها المختلفة، بسبب فقدان الثقة تحت عنوان «من جرَّب المجَرَّب كان عقله مخرَّب».
والأهم أن القوات الجديدة تبحث عن أماكن لإقامتها وفق الاطار السابق المعمول به منذ عام 1978، القاضي بدفع بدل الايجار من الأمم المتحدة عبر الحكومة اللبنانية، «الأمر الذي يرفضه مالكو الأراضي والعقارات الذين ما زالوا يواجهون مشاكل عالقة، ويطالبون ببدائل ايجارات عن السنوات الماضية، وباتوا على علم ودراية تامّين بخلفيات القرار السابق التي انعكست سلباً عليهم. وهم لا يريدون الانزلاق مجدداً في مشروع جديد، مؤثرين أن تكون العلاقة مباشرة مع القيادة الدولية، فيتقاضون منها، بموجب عقود مباشرة، بدل ايجار العقارات التي ستشغلها هذه القوات».
في قضاء بنت جبيل، يبدو أن مواقع انتشار القوات الدولية التابعة للأمم المتحدة ليست محددة حتى الآن. فبعدما تمركز عدد من الجنود الفرنسيين في الموقع السابق للاحتلال الاسرائيلي في برعشيت، رفض أصحاب عقار الموقع تأجيره برغم موافقة البلدية على ذلك. وقد انتشر عدد من الجنود الفرنسيين في احدى تلال بلدة دير كيفا، بيد أن هذا الموقع وبحسب مصادر أمنية، ليس ثابتاً، بل سينقل الى مكان آخر لم يحدد بعد. وتلاحظ إحدى الجهات الأمنية أن الفرنسيين أنفسهم مرتبكون في تحديد نقاط انتشارهم، رغم أن الجيش اللبناني قد أمّن لهم أكثر من عقار للتمركز فيه، بعد التشاور مع أصحاب هذه العقارات في بلدات بنت جبيل وشقرا ورميش، لكن الفرنسيين لم يحسموا أمرهم بعد.
ويتوقع المصدر عينه «تمركز القوات الفرنسية والايطالية والاسبانية في بلدة تبنين، حيث يوجد المقرّ الرئيسي السابق لقوات الأمم المتحدة، لأنه مجهز بمطار للطائرات المروحية والبنى التحتية والمساكن اللازمة. ويرجح الا يكون للقوات الدولية في بنت جبيل مراكز فرعية، بل الاعتماد على دوريات ونقاط مراقبة متنقلة.