بنت جبيل ـــ داني الأمين
في موازاة ما تتعرض له بركة حولا الجنوبية بعدما جعلتها بلديتها هدفاً للردم وحوّلتها موقفاً للسيارات؛ تبرز مشكلة أخرى في بلدة عيترون الحدودية. فقد بدأت بلديتها بردم أكبر برك الجنوب، بركام المنازل المهدمة، لتساهم هي الأخرى في ردم الذاكرة الجنوبية، وذاكرة أبناء البلدة المرتبطة بساحاتهم ونقاط التقائهم، فكيف بمصادر المياه التي كانت ولا تزال، تغذي الكثير من الأمور الحياتية المرتبطة بالزراعة وسقي الماشية وحاجات المنازل إلى المياه المتجمعة من خيرات المطر.
كأنّه لم يكف هذه البلدة ما تعرضت له من تدمير منهجي سبّبه العدو الذي ارتكب فيها مجزرتين كبيرتين في الحرب الأخيرة؛ حتى سددت "البلدية" من الداخل هذه المرة، ضربة إلى التراث الشعبي وذاكرة البلدة، بقرار يماثل قرار بلدية حولا في إلغاء البركة و"إنهاء خدماتها" وتحويلها ساحة عامة، ربما بمساحات من الإسمنت.
ويستغرب أبناء عيترون لجوء البلدية إلى خيار ردم البركة بركام المنازل المهدمة «لما لها من تاريخ يقارب تاريخ البلدة، وذكريات لا تنسى تنقل قصص روادها من جيل الى آخر». و«الغاية من وجودها ما زالت قائمة وبالقوة والحاجة عينهما، فهي المكان الذي يلجأ اليه المزارعون لري زراعاتهم، وخصوصاً زراعة التبغ التي يعتاش من مردودها غالبية أهالي البلدة»، بحسب أحد جيران البركة الذي آثر عدم ذكر اسمه حتى لا يدخل "في سجال مع البلدية".
وهذا "لا يعني أن المجلس البلدي لا ينوي تأمين البديل، فقرار ردم بركة الري الوحيدة واستبدالها بإنشاء بركة أخرى في خراج البلدة، كان موجوداً قبل الحرب الأخيرة"، بحسب نائب رئيس البلدية الحاج نجيب قوصان الذي اعتبر أن "استغلال الركام في ردم البركة وفّر على البلدية آلاف الدولارات، وأن الهدف من الردم هو استغلال المكان لإنشاء حديقة عامة وحماية الأهالي من الملوثات والأمراض الناجمة عن البركة". إلاّ أن ذلك لا يلقى ترحيباً من العديد من الأهالي، ولا سيما كبار السن، الذين يرون في ذلك تهديداً لزراعتهم وتدميراً لتراثهم.