عمر نشابة
صدر عن وزير الداخلية والبلديات بالوكالة أحمد فتفت قرار بالربط المعلوماتي للإدارات والأجهزة التابعة للوزارة. وأثار القرار جدلاً واسعاً في الاوساط السياسية وتخوّفاً حقيقياً من اعتماد اساليب ادارية تعتمد لأجل تركيز السلطة الامنية
في فرع استخبارات ومعلومات

“عدّل” قرار الوزير أحمد فتفت الرقم 2403 (تاريخ 18 أيلول 2006 وينصّ على الربط الالكتروني بين مختلف ادارات وأجهزة وزارة الداخلية والبلديات) بموجب القرار الرقم 2532 (تاريخ 22 أيلول 2006) حسبما جاء في محضر اجتماع لجنة تنفيذ الربط الالكتروني (تاريخ 27 أيلول 2006). لكن “التعديل” الذي يحوّل القرار الى مادّة تحتاج الى قرار مجلس الوزراء قبل صدورها لأن “التعديل” يتعلّق بربط معلوماتي لإدارات ومؤسسات تخرج عن سلطة وزير الداخلية ومنها الجمارك (وزارة المالية) والجيش (وزارة الدفاع الوطني) علماً بأن القرار 2403، فيه مشكلات تتعلّق بمشروعيته وبالتنفيذيتطلّب قرار الربط الالكتروني للمؤسسات التابعة لوزارة الداخلية امكانات وتجهيزات تقنية عالية ومكلفة. وقدّرت مصادر مهنية مطّلعة كلفة المشروع بـ2.7 مليون يورو تغطي كلفة التجهيزات والبرنامج الالكتروني.
وإذا كان ربط المعلومات يزيد من فاعلية الاجهزة في ظل احترام القانون. لكن لا بد أولاً من تحديد الحاجات الاساسية لقوى الامن التي يمكن تلخيصها بالآتي:
ــ يفتقر العديد من المخافر ومراكز الاجهزة الامنية إلى المكننة والربط بنظام المعلومات الالكتروني، وبالتالي، لا يمكنها ادخال المعلومات عن الموقوفين والحوادث الامنية على نظام المعلومات الالكتروني المشترك. ولا تقتصر المعلومات المفيدة للعمل الامني الرسمي على بيانات المسافرين وعابري الحدود وملفات جوازات السفر وتأشيرات الدخول والإقامات الممنوحة الى الاجانب ونزلاء الفنادق المتوافرة لدى الامن العام، بل تتعداها الى معلومات عن الحوادث الامنية والموقوفين على كل الاراضي اللبنانية. مع أن الامن العام كان قد أقام ربطاً إلكترونياً مباشراً للمعلومات عن نزلاء الفنادق مع المديرية العامة لأمن الدولة ومديرية المخابرات في الجيش اللبناني منذ عام 1999 “وفي حينه تمنّعت المديرية العامة لقوى الامن الداخلي تلقائياً عن الربط مع هذا المشروع” بحسب رئيس اللجنة العميد منير عقل (محضر اجتماع اللجنة في 27 أيلول 2006).
لكن يبدو أن اولوية فتفت هي ربط نظام معلومات الامن العام بفرع المعلومات (يرد في المحاضر الرسمية للجنة تعبير شعبة المعلومات برغم عدم صدور القانون الخاص بها) في قوى الامن الداخلي لا مكننة المخافر التابعة لقوى الامن والمراكز الامنية الاخرى. كما لا يبدو أن أولويات الوزير فتفت معالجة النقص في التجهيزات والعتاد العسكري والآليات وحتى اللباس العسكري لقوى الامن الداخلي، وتحسين وضع المباني والثكنات والمخافر والنظارات بقدر ما هي ربط الامن العام والمديرية العامة للأحوال الشخصية وهيئة ادارة السير والآليات والمركبات ومديرية شؤون اللاجئين بفرع المعلومات في قوى الامن الداخلي.
  • تعطيل المفتشية
    يزوّد الامن العام مديرية المخابرات بمعلومات من دائرتي الجوازات والاجانب وحركة الدخول والخروج عبر الحدود ونزلاء الفنادق بموجب طلب خطّي رسمي يصل اليها من خلال القنوات القانونية ومع احترام الهيكلية والتراتبية العسكرية. بينما يتيح مشروع الربط الالكتروني للمعلومات “اونلاين” (ONLINE) الذي نصّ عليه القرار 2403 لعناصر وضباط فرع المعلومات سحب معلومات من الحاسوب المربوط الكترونياً بدون تقديم طلب رسمي مدوّن من الامن العام، وبدون تسجيل أية معلومة أو إشارة الكترونية عن الشخص أو الجهة التي تسحب هذه المعلومات وبدون “لوغ” (LOG) (دخول إلكتروني على نظام بنك المعلومات). وإذا تقدّم احد المواطنين بشكوى الى وزير الداخلية عن تصرفات غير شرعية لفرع المعلومات في موضوع سوء استعمال للمعلومات أو “تدخّل رجال قوى الامن الداخلي في الشؤون السياسية أو المنازعات المحلية” (القانون الرقم 17 “تنظيم قوى الأمن الداخلي” المادة 13)؛ وإذا احال الوزير الشكوى الى المفتشية العامة لقوى الامن الداخلي، بحسب القانون، للتحقيق، فلا يمكن المفتشية العامة أن تقوم بواجباتها لأن نظام الـ“اونلاين” للمعلومات يتيح للعناصر والضباط سحب المعلومات بدون ترك أي أثر وبدون تسجيل أية مذكّرة ادارية.
    وكي يستثنى عدم تسجيل هوية العنصر أو الضابط أو الجهة التي تسحب معلومات من نظام الـ“اونلاين”، يُستخدم النظام بصفة اداري “ادمينيسترايتر” (ADMINISTRATOR). وللإداري صلاحيات استثنائية في النظام الالكتروني للمعلومات، تمكّنه مثلاً من تعديل معلومات أو حذفها أو الاضافة عليها بدون أن يتمكن احد (بمن فيهم المفتشية العامة أو حتى مدير قوى الامن الداخلي او مدير الامن العام) من التدقيق أو الاطّلاع. وبالتالي، وبحسب نظام الربط الالكتروني الذي يتمسّك به فتفت عبر القرارين 2403 و2532، يمكن أن يتلاعب عناصر فرع المعلومات بالمعلومات الموجودة في نظام الامن العام الممكنن من دون أن يتمكّن اي جهاز رقابة وتفتيش من توقيفهم.
    وقد تنبّه رئيس اللجنة العميد عقل لهذا الجانب من المشروع فاقترح “انشاء محطة وسيطة في المديرية العامة للأمن العام تتلقّى طلبات المراجع الخارجة عن الامن العام ويتم الإجابة عليها بواسطة الوسيط نفسه” (بحسب محضر اجتماع اللجنة في 27 أيلول 2006). لكن ممثل وزارة الداخلية في اللجنة المقدم عماد عثمان، ردّ عليه بالاشارة إلى “أن هذا الحلّ لا يجسّد مضمون القرار وإنما ينقل الاجراءات الورقية المعمول بها حالياً بواسطة الفاكس الى اجراءات الكترونية أما نصّ القرار فيتضمّن ربط الكتروني مباشر (ONLINE) ويتم ذلك عبر الربط الالكتروني المباشر بقواعد بيانات الادارات موضوع القرار”.
  • مشكلة البصمات
    اشار الملازم أول ربيع شحادة ممثل المديرية العامة للاحوال الشخصية في اللجنة خلال اجتماعها نفسه الى “ان هناك مشاكل في الربط مع المديرية العامة للاحوال الشخصية وذلك بسبب عدم وجود كامل المعلومات المتعلّقة ببطاقة الهوية في قاعدة بيانات مركزية”. ان إحدى هذه “المشاكل” هي المعلومات المستخلصة من بصمات الاصابع. اذ إن بصمات الاحوال الشخصية التي اخذت من المواطنين لإصدار بطاقات الهوية هي بصمات “لمس” (TOUCH) بينما البصمات التي تؤخذ عادة من الموقوفين لدى قوى الامن الداخلي أو الامن العام والمحكومين، هي بصمات “دائرية” (ROLL). وبالتالي فإن بصمات الاحوال الشخصية لا يمكن ان تدمج في البصمات الأخرى ويسبب ذلك مشكلة في بنك المعلومات الالكتروني، لذا، المفروض توحيد طريقة أخذ البصمات قبل ربط المعلومات ببعضها في نظام موحّد. وفي هذا الاطار، اقترح الملازم أوّل شحادة “استشارة شركة SAGEM المنفذة للمشروع” (المقصود مشروع بطاقات الهوية).
    إن مشروع ربط المعلومات في بنك الكتروني موحّد مفيد لا بل ضروري لعمل الاجهزة الامنية كلها. لكن السؤال هو: هل هناك ضمانات بمنع استخدام الأجهزة الأمنية المعلومات لأهداف سياسية أو لأعمال مخالفة للقانون؟