صيدا ــ خالد الغربي
لم يكن المسحّراتي الفلسطيني بلال سلوم، من سكان محلة التعمير في صيدا، يدرك أن القتلة «سيتربّصون به بهدوء وأعصاب باردة على عكس الضوضاء التي يبثّها هو في المكان. فقد اعتاد أبناء التعمير أن يستفيقوا على وقع نقرات طبلته وصياحه الذي ينبئ «المؤمنين» بقرب موعد الإمساك وإيقاظ السحور و«يا نايم وحّد الدايم» و«قوموا على سحوركم جايي النبي يزوركممسلّحون غادرون توزّعوا الدروب لكي يقطعوا عليه طريق الحياة، فيقتلون المسحراتي وتهوي طبلته وتتشح عباءته البيضاء بالدم الأحمر. ابنه علي حضر على عجل، ليجد والده جثة ممددة على الطريق. يكسر صمت الكلام ويولول: «انه شهيد الإسلام، وهل يجوز لهؤلاء القتلة أن يذبحوا والدي في شهر فضيل، وهو الذي نذر نفسه من أجل أن يكسب الثواب؟ وهل لأنه يقوم بعمل إيماني قتلوه؟ يحمل الولد «طبلة» السحور ويردد باكياً «اطمئن سأسحّر النيام من بعدك».
حادث أمني آخر، أضيف فجر أمس الأول الى قائمة الحوادث التي تشهدها منطقة التعمير في صيدا الملاصقة لمخيم عين الحلوة، والتي على ما يبدو أنها عادت بقوة بعدما توقفت خلال الأشهر الماضية، وجديدها كان «اغتيال» المسحراتي بلال علي السلوم (39عاماً) وهو فلسطيني يقيم في المنطقة وكان منتمياً الى عصبة الأنصار الإسلامية.
فقد أطلق مسلحون النار من مسدسات حربية على السلوم عند الثالثة فجراً في زاروب أبو الشيخ ــ الثانوية في التعمير أثناء «تسحيره» المواطنين وأصيب بعدة رصاصات في رأسه كانت كافية لأن يخرّ صريعاً.
والسلوم الذي يعمل في صيدا كان قد أوقف لسنوات لدى السلطات اللبنانية على خلفية اتّهامه بأحداث ضد أمن الدولة اللبنانية، وهو من قام بتسليم نفسه رغم أنه كان يمكن له ألّا يغادر منطقة التعمير التي لا تتواجد فيها السلطة الشرعية.
ولا تستبعد بعض المصادر ضلوع عناصر إسلامية في اغتيال السلوم، ربّما لعلاقات لا تعجبها مع أطراف رسمية لبنانية، كما يتردد في الشارع «التعميري» الذي عاد أمنه «الفالت» الى الواجهة بقوة.