كان سائق «القاطرة والمقطورة» في منطقة خلدة يتّجه إلى الضاحية الجنوبية، محمّلًا خمسين طناً من الترابة، حين فوجئ عند التاسعة من صباح أمس بحاجز لأشخاص مدنيين طلبوا منه التوقف بجانب الطريق، وإبراز أوراق السيارة. ثم قارن أحد العناصر بين اسم الشركة وورقة صغيرة كان يحملها. وهمس بعدها لعنصر آخر فأجرى الأخير عدة اتصالات بمخفر الشويفات، ثم طلب من السائق تسليم دفتر القيادة، وأبلغه توقيف الشاحنة. حدث ذلك من دون أن يشير أي من العناصر إلى هويته الأمنية، الأمر الذي دفع صاحب الشركة إلى إجراء عدد من الاتصالات انتهت بإعلامه أن الشاحنة ستــوقف احتـــــرازياً فقطالحادثة نفسها تكررت أمس مرات عدة في مناطق قريبة من الضاحية، وهو ما جعل أصحاب الشركات العاملة في الضاحية يعيشون يوماً مفعماً بالقلق. فاختار معظمهم التوقف عن العمل حتى معرفة ما سوف يحصل. وأكد البعض وجود بلاغ صادر عن وزارة الداخلية للتشدد مع كل المؤسسات الإعمارية العاملة في الضاحية الجنوبية، تحت عنوان منع التعديات ومخالفات البناء.لكن القلق سرعان ما تضاعف، بعد أنباء عن توقيف سيارة شحن في منطقة الحدث. ثم تأكدت المعلومات عن احتجاز «بيك أب» فارغ قرب مركز المعاينة الميكانيكية، داخل الضاحية. ويقول أحد السائقين إن معظم السيارات المعدّة لنقل مواد البناء، أوقفت من القوى الأمنية، وحقق مع سائقيها حول أماكن توجههم، والشركات التي يعملون لصالحها، الأمر الذي رفع من حالة الذعر بين المقاولين، حسب السائق، وأدى إلى إيقاف أكثر من 90 % من الورش القانونية التي تعمل في المناطق التي استهدفها العدوان الإسرائيلي.
يؤكد المدير العام لـ«جهاد البناء» قاسم علّيق، المعلومات المتداولة. ويقول إن الشاحنات المحملة مواد البناء منعت من الدخول إلى الضاحية، بحجة منعها من الوصول إلى طريق المطار. والحلّ، وفقاً لعلّيق، سيفرضه المواطنون، الذين قبضوا الأموال، ويعيدون إعمار منازلهم على نفقتهم. والناس، الذين كانوا أمس مفعمين بالغضب، بدوا حانقين على الدولة، وأكّدوا أن ثمة من يخطط لإبقائهم بدون منازل طيلة فصل الشتاء، عساهم يتمردون على حزب الله، لكن رهانهم سيسقط مرة أخرى.
وكان الحرص المفاجئ على تطبيق القانون، والتشدد في تنفيذه توسعا أمس ليصلا إلى الجنوب أيضاً. إذ عُقد اجتماع ضم قائد منطقة الجنوب الإقليمية للدرك، وقائد سرية درك صيدا، وقائد سرية درك صور، وأمراء الفصائل والمفارز في الجنوب، أكدوا خلاله على قمع مخالفات البناء ولا سيما على الأملاك العامة، وتوقيف المخالفين ومعلّمي البناء ومصادرة الأدوات، وهدم البناء المخالف على نفقة صاحب العلاقة!
وعُلم ان قائد المنطقة العميد محمد قدورة أعطى أوامر صارمة بضرورة "التشدد في قمع وإزالة كافة المخالفات بشكل حاسم". الأمر الذي يُنتظر متابعة نتائجه "الدموية ربما" في الأيام القادمة.
غ. س.