دير الزهراني ــ أمل طفيلي
تحكي أشجار البلدة اليابسة وزهورها التي صفعها الغبار قصة الإهمال. وليس بعيداً منها، برميل صدئ تكدّست حوله النفايات التي تعبث بها القطط، فتجري محتوياتها بين أقدام المارّة. وكلّما تقدّمت داخل الأحياء، تشهد طرقات فاتها قطار الإنجاز. تتتالى فصول المعاناة. فحتى الماء «الذي جعل الله منه كل شيء حيّ» تشتريه الحاجّة فاطمة بالصهريج، وتدفع في المقابل قسط المياه السنوي.
إنها ليست قرية غضبت عليها السماء، إنّما هي دير الزهراني التي شاء «من شاء» أن تبقى من دون مجلس بلدي، بعد أن انفرط عقد مجلسها المنتخب، باستقالة تسعة من أعضائه، قبل مضي ثلاثة أشهر على انتخابه.
يطلعنا أحد المتابعين على التحالفات التي أفرزت هذا المجلس فيقول: «حزب الله لم يرشح أحداً، لخلافات عائلية بين محازبيه، فانقسموا بين مؤيد لتحالف الشيوعي ــ أمل وبعض العائلات، وآخر مؤيد للائحة تضم بعض العائلات الأخرى».
وبعيد إعلان النتائج التي رجحت فيها كفة تحالف الأحزاب، نشبت حرب البيانات والبيانات المضادة بين المجلس المنتخب والمجلس المنتهية ولايته. فالأول اتّهم الأخير بالاختلاس، وباشر بفتح تحقيق، وتكليف خبير مالي بالأمر، وأعلن ذلك عبر بيان وزع في البلدة. فسارع الآخر الى الرد ببيان رفض فيه النزول الى مستوى الشبهات، واتهم فيه المجلس المنتخب باقتحام مبنى البلدية، وتغيير الأقفال قبل التسليم والتسلّم.
هذه الأجواء، إضافة إلى ما أفرزته التحالفات، التي تمت تحت تأثير العصبيات العائلية، والتفكك الحزبي، من مجلس بأعضاء متنافري التوجهات ومختلفي الآراء؛ كلها أسباب ساهمت في فشل هذا المجلس. «حتى ان رئيس البلدية، الذي فاز عبر لائحة تحالف الأحزاب، رفض المشاركة بانتخابات اتحاد بلديات الشقيف، لعدم الرغبه بالتصويت لمصلحة مرشح حركة أمل فيها»، كما يقول أحد أبناء البلدة.
عضو المجلس البلدي المستقيل حسن روماني تحدث عن أسباب استقالته: «كانت البدايه بتوجيه التّهم للمجلس السابق، وأنا كنت أحد أعضائه أيضاً، وقد كنّا من أحرص الناس على أموال البلدة، وهذا ما أظهره تقرير التفتيش المركزي. أضف الى ذلك أنّه ساد منطق التفرد بالرأي وعدم التصويت على القرارات، وغيرها من الأسباب المتراكمة التي دفعت بنا الى الاستقالة».
غياب المجلس البلدي ترك الأهالي من دون من يهتم بشؤونهم. «فتوقيع ورقة يتطلب انتظار عودتها من المحافظة بدل أن تنجز في البلدة بدقائق»، كما يقول أحد الشبان. وعندما نسأله عن الحدائق، يجيب مبتسماً «أطفال البلدة يلهون بدرّاجاتهم على الطرقات، والحدائق حبر على الخرائط. حتى ان مبنى البلدية مؤجّر».
رئيس البلديه الأسبق أسعد طفيلي يقول: «إن غياب المجلس لمدة سنتين أخّر فرصة الاستفادة من المشاريع التي كان المجلس الأسبق قد باشر بتنفيذها، وإعداد الخطط لها، «كمشروع البنك الدولي»، وهو قرض بقيمة 215 مليون ليرة؛ فضلاً عن استكمال تجهيز بئر للمياه تكفي حاجة البلدة. الدعوة لانتخابات بلدية جديدة لا تزال رهن وزارة الداخليه والبلديات، التي يفترض بها بمقتضى القانون، الدعوة لانتخابات جديدة في مهلة أقصاها شهران من تاريخ حلّ المجلس، أو إعلان حلّه.