فاتن الحاج
  • يميّز مسؤولو الجامعة الأنطونيّة بين التنشئة السياسية التي يرون أنها ملازمة للتحصيل الأكاديمي وبين العمل السياسي الفئوي «الممنوع» داخل الجامعة، لأنه مرآة للبازار المتقلب في لبنان. فالتحدي الأكبر بنظرهم هو قدرة الطلاب على الحوار في جامعة متنوعة. يندمج الطلاب في هذا الواقع من دون أن يخفوا انتماءاتهم «من تحت الطاولة» في الانتخابات الطلابية. إلا أنّ أعدادهم القليلة نسبياً (1200 طالب) تسمح بالتلاقي في ما بينهم من جهة، والتعاطي المباشر مع إدارة الجامعة في أمورهم التعليمية، من جهة ثانية

  • ترفع الجامعة الأنطونية هذا العام شعار التضامن. ويبرز التحدي الأول أمامها مع بداية عام غير اعتيادي بتمتين جسر العلاقات بين الطلاب على اختلاف مشاربهم، كما يقول رئيس الجامعة الأب الدكتور أنطوان راجح. أما التحدي الثاني فهو عدم اكتفاء الجامعة بما وصلت إليه. من هنا لا يهمّ الجامعة، بحسب الأب راجح، أن تحتضن أساتذة «مبدعين» فحسب، بل أساتذة يتميزون بالقدرة على معرفة الطلاب. لذا، تختارهم بكثير من التأني والدراية، «فإرضاء هؤلاء ليس بالأمر السهل». تتوجه استعدادات الجامعة نحو تغذية الحوار. ويشرح راجح «أننا اعتمدنا هذا العام الاختصاصية في الفلسفة والعلوم السياسية باسكال لحود، لتقوم بمهمة التنشئة السياسية ومرافقة الطلاب». ووُضع برنامج يحتاج إلى «جوجلة» من الطلاب. إلا أنّ المحور الأساسي سيكون دور الشباب في العمل السياسي ومشاركتهم الفعلية في صنع القرار، إضافة إلى همومهم الأخرى.
    كما بدا للجامعة أنّ ثقافة الشباب تفتقد إلى مصطلحات سياسية يستخدمونها من دون أن يفقهوا معناها، كالنظام البرلماني والليبرالية الإقتصادية والطائفية. يوضح راجح أن البرنامج سيقدم لهم المعرفة اللازمة في هذا الإطار اختيارياً ومن دون رقابة أو توجيه. وحول منع مزاولة العمل الطلابي السياسي، يلفت إلى أنّ الأمر لا يخدم الطلاب بقدر ما يخلق حساسية في صفوفهم. أما بالنسبة إلى الإجراءات التي اتخذتها الجامعة بعد الحرب، فيشير إلى «أننا فعّلنا المكتب الاجتماعي للنظر في أوضاع المتضررين، وإن كانت أقساطنا مقبولة إذ تتراوح بين 4500 و5000 دولار أميركي». وفيما يشدد على «أننا لن نسمح لأي من طلابنا المتضررين بأن يغادر الجامعة حتى لو لم يدفع «ولا فرنك»»، يدعو إلى النظر بواقعية إلى الأمور وعدم استغلال الجامعة. من جهة ثانية، تسعى الجامعة إلى الحصول على 30 منحة توزع على أصحاب الحاجة شرط الحصول على معدل مقبول.
    على صعيد آخر، يتوقف الأمين العام للجامعة الأب فادي فاضل، الذي عيّن أخيراً مديراً لمعهد التربية البدنية والرياضية، عند دور الجامعة الأكاديمي، فيوضح أنّه بعد مخاض استمرّ خمس سنوات ينطلق العام الجديد بثلاث كليات جديدة: كلية الإعلان ووسائل الإعلام وكلية إدارة الأعمال وكلية الصحة العامة. يتحدّث فاضل عن انخفاض عدد الأساتذة الزائرين بسبب الحرب. أما إقبال الطلاب الجدد فجيّد، وكانت الجامعة قد مدّدت فترة التسجيل إلى 15 تشرين الثاني إفساحاً في المجال أمام الناجحين في الدورة الثانية للبكالوريا للالتحاق بها. كما خصّصت برنامجاً يمكّن هؤلاء من اللحاق بزملائهم الذين يباشرون عامهم الجامعي في 16 الجاري.
    ومن الشهادات التي تمنحها الجامعة بالتعاون مع جامعات أوروبية الديبلوم الأوروبي للتدريب الرياضي بالتعاون مع جامعة ليون وتورينو في إيطاليا ولوزان. وهناك خمسة طلاب يتابعون الدكتوراه في علم الرياضة والتربية البدنية في فرنسا ليعودوا إلى الجامعة ويساهموا في تأسيس الهيئة التعليمية. كما أنّ هناك ديبلوم الدراسات المعمّقة في الموسيقى الذي وقّعته الجامعة الأنطونية مع جامعة باريس.
    استحدثت الجامعة الدراسات المعمّقة لقطاع الأبحاث بالتعاون مع الجامعات الشريكة حتى يتسنى للطالب إنجاز الديبلوم في الجامعة وإجراء الأبحاث في الخارج.
    أما الطلاب فسعوا من خلال هيئتهم الطالبية إلى إيجاد المرونة في التعاطي مع الإدارة، بعدما كان الجمود يسيطر على القرارات الإدارية. فباتوا على سبيل المثال يعدلون في ساعات التدريس بما يتوافق مع عملهم، ولا سيما أن دوام الدراسة في الجامعة طويل وهناك إمكانية لتنظيم الأوقات قبل الظهر وبعده. وبالنسبة إلى العمل السياسي، فيمنع أن يمارسوه في العلن. إلا أنّ ذلك لا يعني غياب النقاشات السياسية، كما يقول شربل سويد (هندسة تيليكوم). من جهة ثانية، تتنوّع الاعتبارات التي يختار الطلاب على أساسها الجامعة. فمنهم من يقصدها لاختصاص بعينه كما فعل إدمون الخوري الذي يدرس في معهد التربية البدنية ويأتي إليها يومياً من جونية. وكذلك هي حال الكاهن خير الله فارس الذي آثر دراسة اللاهوت في الجامعة الأنطونية دون غيرها. ومنهم من تكون بالنسبة إليه الخيار الأخير، ربما لأنها بعيدة وتتيح فترة لا بأس بها للتسجيل، كما هي حال دايانا منصور التي لم تجد أمامها سوى هذه الجامعة.