عرسال ـ رامي بليبل
80% من الأهالي يعملون في «قلع» الحجر ويطالبون بإعادة النظر في المخطّط التوجيهيّ


الحجر كاد ينطق هذه المرة بين يدي «أبو جعفر» وهو يلقيه في فم كسارته الوحيدة في بلدة عرسال البقاعية، ليشير إلى مقدار العناء الذي يبذله صاحبه في هذه المهنة. لكن أهل عرسال قبلوا بها وسيلة لكسب العيش .
استقبلنا السيد محمد الحجيري «أبو جعفر» بحفاوة بقاعية، وبادربالحديث مباشرة «هذه الأيام هي أيام إعمار لبنان و«العمار» يحتاج إلى بحص ورمل، والدولة قررت سدّ «باب رزقنا». وتابع بعد إشعال سيجارته «نحن نتوقف اكثر من خمسة اشهر سنوياً عن العمل بسبب الثلوج والأمطار، وستزيد الفترة بعد تنفيذ المخطط التوجيهي. مَن المستفيد من هذا المخطط؟ فليأتِ حماة البيئة ويتفرّجوا على مقالعنا، هل هي مضرة للبيئة؟ إننا نعمل منذ عام 1964، طالبنا بالترخيص ولا من مجيب».
يبلغ عدد المقالع في عرسال نحو 135 مقلعاً، وعدد المناشير الخاصة بالحجر التزييني 145 منشرة. أما العاملون في هذا القطاع فيتجاوز عددهم 3500 عاملاً من أبناء البلدة. وهناك أكثر من 150 شاحنة، تستفيد منها عدة عائلات، معظمها توقفت أعمالها خلال السنتين الماضيتين بسبب الأحداث التي عصفت بالبلاد، وآخرها عدوان تموز، مما زاد الطين بلّة.
يشير رئيس بلدية عرسال باسل الحجيري إلى المساحة الواقعة ضمن المخطط التوجيهي للمقالع والكسارات في الناحية الشمالية الشرقية من البلدة في «قلعة الحصن» و«وادي الخيل» حيث يفصل بينهما الموقع الحالي للمقالع، مستغرباً لماذا اختير هذا الموقع الذي يمثّل النقطة الأبعد عن البلدة حيث لا ماء ولا كهرباء ولا طرقات، علماً بأن هناك خلافات تاريخية بشأن ملكية الأرض، وهي تتداخل كثيراً مع الأراضي السورية بسبب تعرّج الحدود. وشدد على أن أرض عرسال للعرساليين ولن نقبل أن يدخل الغرباء لاستثمار خيرات أهلها. وأشار إلى أنه كما «أعفيت الفنادق من الضرائب والرسوم يجب أن تعفى لقمة عيش الكادحين من القرارات المجحفة ويسمح لهم بالعمل. ومن المعيب أن تضرب القوى الأمنية حصاراً على الفقراء فتقيم الحواجز لمنع نقل البحص والحجارة».
رئيس جمعية الإنماء الريفي محمد نوح، أكّد أن المنطقة التي تنتشر فيها المقالع والكسارات هي منطقة صحراوية فلا اعتداء على البيئة، لكن المطلوب، وفور الانتهاء من اي مقلع، إقامة ورشة لتحريج الأشجار المناسبة، مشدداً على ضرورة أن تؤدي البلدية دورها في المراقبة والمحاسبة. وطالب الدولة بتنظيم هذه المهنة. فهي المورد الوحيد لآلاف العائلات. ولحظ ضرورة ابتعاد بعض المقالع والكسارات عن الأراضي الزراعية، ولا سيما بعد اعتماد الأهالي زراعة الكرز والمشمش معتمدين على امطار الشتاء.
عرسال الغنية بالشهداء الفقيرة بالخدمات، يعمل أكثر من 80% من أهلها في قلع الحجر: عين على نحته يزينون به بيوت الأغنياء، وعين يرقبون بها الفجر الآتي علّه يحمل بارقة أمل تنصفهم فتعيدهم إلى خريطة الوطن من جديد.