صيدا - سوزان هاشم
المحاكم الشرعية في لبنان هي محاكم استثنائية، أبصرت النور عام 1963، ولا تزال قائمة حتى اليوم. وتطبق هذه المحاكم القواعد الشرعية في ما هو متعلق بالأساس، أما الأصول المتبعة في الشكل، فتخضع إلى إجراءات خاصة لا إلى أصول محاكمات مدنية.
تنقسم المحاكم الشرعية في صيدا إلى سنية وجعفرية(شيعية)، وتقع المحكمة الجعفرية على المدخل الجنوبي للمدينة، والمحكمة السنية على المدخل الشمالي لها. الأولى عبارة عن شقة مستأجرة، تحتل الطابق الأول في مبنى سكني، وهو ما يجعل حركة الوافدين إليها مصدر إزعاج لسكان المبنى، لما يسببون من ازدحام يبدأ من المدخل وصولاً إلى الشرفات رغم وجود غرفة كبيرة للانتظار.
وفي الغرفة لافتات تغطي جدرانها، تبرع بها طلاب قسم الإشراف الصحي في كلية الصحة ــ الجامعة اللبنانية، وهي عبارة عن نصائح وإرشادات عن حياة زوجية ناجحة، وعن كيفية اجتياز محنة الطلاق في حال حصوله. حتى إن اللافتة التي تشير إلى المستندات المطلوبة لإنجاز المعاملات هي أيضاً من تقدمة الطلاب. أما صندوق الشكاوى فتغطيه المناديل المكدسة عليه، فضلاً عن عدم مبالاة المواطنين به، لثقتهم بأن أحداً لن يهتم لشكواهم.
أما المحكمة الشرعية السنية، وإن بدت أفضل حالاً من الجعفرية من حيث الشكل لوجودها في مبنى الأوقاف الاسلامية السنية، بيد أن الفوضى و“زحمة المواطنين” تسكنها وتتألف كل من المحكمتين من قاض منفرد ورئيس قلم وموظفين معاونين، يعينون وفقاً لأصول معينة.
تعتري الإجراءات المتبعة في جلسات المحكمتين فوضى. فالملفات مكدّسة تنتظر البت بها، حالها كبقية المحاكم في لبنان و“إجراءات العمل تنقصها الموضوعية والدقة، فجدول الجلسات والمحاضر غير منظم، وليس هناك موعد محدداً لبدء الجلسات التي غالباً ما تتأخر، بتأخر وصول القاضي”. والكلام للمحامي رضوان فروخ الذي يضيف: “كثيراً ما تنقطع الجلسات بالاتصالات الواردة للقاضي عبر جهازه الخلوي الخاص، وهذا يشكل خرقاً فاضحاً للقانون”.
ومن الأمثلة أيضاً عن الفوضى التي تلفّ هذه المحاكم، ما يرويه أحد المحامين من أنه في إحدى الجلسات، وخلافاً للأصول القانونية قد تقدم بمرافعة من دون أن يطلب القاضي منه إبراز الوكالة. وبالطبع فإن هذا الأمر يعد انتهاكاً فاضحاً للأصول المتبعة في سير المحاكمة. كما أنها مثل كثير من المؤسسات العامة في البلاد تتأثر بالضغوط التي تؤثر في بعض الأحكام.