أنطون الخوري حرب
لم يكن هدف الحشد الشعبي الذي عمل التيار الوطني الحر على إظهاره في ذكرى 13ت1 1990 محصوراً بتأكيد شرعية التمثيل السياسي للمسيحيين بعد التشكيكات التي بنى عليها خصوم العماد ميشال عون من فريق الأكثرية. بل يرتبط الأمر أكثر ببرنامج التحرك السياسي المرتقب بعد نهاية رمضان، علماً بأن ما جرى أظهر تعاظم شعبية “التيار الوطني الحر” منذ عودة عون إلى لبنان في أيار 2005.
وبعزل عن وصف كلمة عون بالبيان الوزاري أو البرنامج الرئاسي، إلا أن الكلمة تعبر عن خطة عمل لتحرك سياسي شعبي سوف تكون أولى محطاته موضوع التغيير الحكومي الذي تطالب به المعارضة و“حزب الله”. والجدية التي أوحى بها عون في خطابه مبنية على معطيين اساسيين. الأول هو عدم وجود خيار آخر غير المبادرة إلى التحرك مقابل عدم ظهور أي استعداد لدى فريق الأكثرية للبحث بمطالب “التيار الوطني”، إضافة إلى رفض المطلب المشترك للتيار و“حزب الله” بالتغيير الحكومي. ولأن عون يدرك أن مجرد المطالبة غير المقرونة بخطوات عملية يضعف شعبيته، فهو لم يزد جديداً على مواقفه المعروفة، إنما أراد إبلاغ جمهوره ببرنامجه السياسي كما خصومه أيضاً.
أما عن الصعوبات التي واجهت تحقيق مطلب التغيير الحكومي في السابق، فإن العماد عون يملك معطى جديداً عن الموقف الشعبي عموماً الذي كان يشــــوبه الالتباس بعض الشيء على خلفية غموض موقف الرئيس نبيه بري من هذا الموضوع، لا بل سلبيته التي ظهرت من خلال عدم اعتباره هذا الموضوع أولوية في المرحلة المقبلة.
إلا أن التغيير الحكومي أضحى لسان حال قيادات حركة “أمل”، والتوقيت المنتظر بالنسبة إليهم هو نهاية شهر رمضان. وهذا ما تؤكده تلك القيادات للمعنيين في لبنان والخارج. وهذا لا يعني تعاطي الرئيس بري مع مطلب التغيير الحكومي باللهجة نفسها للعماد عون والسيد حسن نصر الله، فهو سيحتفظ بلهجة هادئة مع ثباته على موقفه حرصاً منه على دور الحكم الذي يلعبه والذي أتقنه جيداً أثناء جولات الحوار.
وفي المقابل تتوقع قيادات في حركة “أمل” منحى تصاعدياً في مواجهة تحرك جبهة المعارضة الجديدة لقوى “البريستول” التي لن تقبل التخلي عن الحكومة الحالية. وسوف يتلازم هذا التشدد مع مواقف دولية داعمة لها. وإن أقصى ما يمكن أن يقبل به فريق “البريستول” هو استقالة الحكومة من دون تشكيل حكومة جديدة. فتبقى الحكومة الحالية تصرّف الأعمال حتى نهاية ولاية رئيس الجمهورية. وستكون استقالة الحكومة من باب امتصاص نقمة الشارع الذي يعرف قادته في الجهة المقابلة أن هذه المحاولة الاستيعابية لن تحقق أياً من أهدافها. وأهم هذه الأهداف منع الأكثرية من التحكم بالاستحقاق الرئاسي نهاية العام 2007.
ووسط معرفة معارضي الحكومة بموقفها مسبقاً فهم يؤكدون جهل أقطاب هذه الحكومة بنوعية الخطوات التي تدرسها المعارضة، لمواجهة الحكومة، ومنها محوران أساسيان: الأول الوصول بالتصعيد إلى حد إعلان وتنفيذ العصيان المدني، والثاني أن تفقد الحكومة شرعية التمثيل الشيعي إذا انسحب منها وزراء الطائفة الخمسة، بعدما فقدت التمثيل المسيحي بعدم إشراك كتلة التغيير والإصلاح.