عمر نشابة
لا يكون الأمن على حساب الحرية ولا الحرية على حساب الامن، بل هناك حاجة في لبنان، بعد وقوع سلسلة من الجرائم الارهابية، الى بحث جدّي عن سياسة أمنية فعّالة واخلاقية في آن معاً.
يبدأ البحث بطرح تفعيل القدرات البشرية التابعة لأجهزة الدولة الامنية. وهنا من المناسب اصلاح معاهد التدريب وتطويرها وفصلها عن الثكنات الحربية لتحويلها الى أكاديميات وجامعات تخرّج ضباط اختصاصيين في مختلف مجالات التحقيق والتفتيش والمراقبة والحماية والمطاردة والحجز. ويفرض على الطلاب مادة الاخلاقيات المهنية في العمل الامني وهي مادة تدرّس في أكاديميات الشرطة عالمياً وتسمّى «قواعد الامن»، ويخضع الضباط لامتحانات وفحوص نفسية قبل انطلاقهم الميداني أو الاداري. وهذه المادة توازي مادة الاتفاقات الانسانية الدولية (اتفاقات جنيف الأربعة) التي تسمى «قواعد الحرب» وتفرض على طلاب المدارس الحربية. ويوزّع كتيّب على كلّ طالب متخرّج تُذكر فيه تلك القواعد حتى لا ينساها (أو يتناساها) خلال قيامه بواجبه.
الخطوة الثانية في البحث تتعلّق بالتجهيزات والعتاد والآليات التي تساعد القوى الامنية على أداء مهماتها. وهنا نلاحظ حاجة الى تحديد الاولويات. لا تحتاج الشرطة الى سلاح حربي (ام 16) بل الى مسدسات وبنادق صغيرة الحجم (تظهر عند الحاجة فقط) ولا تحتاج الى بدلات عسكرية مموهة ولا الى سيارات بالدفع الرباعي. الشرطة ليست جهازاً حربياً بل مؤسسة مدنية تعنى بحماية المواطنين وسلامتهم وتوفير الامن والراحة لهم. والجهاز الحربي لا يمكن أن يقوم بهذه المهمة. ولا يستطيع جهاز استخبارات، قد تعتمد مؤسسة الشرطة أساليبه، توفير الامن والسلامة في الشكل المناسب. ومن بين الاساليب الاستخبارية آليات التنصّت والمراقبة والرصد. سيطرح اليوم وزير الداخلية بالوكالة موضوع الكاميرات مجدّداً على مجلس الوزراء وسيحاول اقناع زملائه بفعاليته. ولا شكّ في أن الكاميرات قد تخدم التحقيقات القضائية، لكن السؤال الاساسي هو: ما هي آلية المراقبة والمساءلة والمحاسبة التي سيخضع لها العناصر والضباط الذين سيشغّلون هذه الكاميرات ويجمعون المعلومات؟