المكان: أوتوستراد المتن، بين جل الديب وأنطلياس. الزمان: السادسة مساءً. تطل من بعيد بضع سيارات، رافعة أعلاماً برتقالية، تردّد «زمّور الجنرال»، تقترب من أنطلياس، ثمّ يمتلئ الأوتوستراد فجأة بالصخب العوني. مفاجأة أخرى، أعلام حزب الله تخترق قلب المتن. أغنية «نصرك هز الدني» ترتفع من إحدى السيارات. لا حاجة إلى السؤال عن وجهة السير، فهي حتماً الرابية. والزائرون هم طلاب اليسوعية القادمون من الشمال والبقاع وبيروت والمنصورية ليهدوا «النصر الساحق» إلى العماد ميشال عون الذي كان بانتظارهم منذ الساعة السادسة.أكثر من مئة وخمسين ناشطاً «يسوعياً»، توزعت همومهم باتجاهات ثلاثة: الأول إثبات انتصارهم في الغالبية الساحقة من كليات اليسوعية، والثاني السخرية من «الدراسات والإحصاءات» التي أعدتها إحدى الصحف للقول إن «تحالف البريستول» حاز 70% من أصوات المسيحيين في اليسوعية، علماً أن عدد الطلاب المسلمين في الجامعة المذكورة لا يتجاوز الخمسة والعشرين في المئة، وفقاً لمسؤول طلاب التيار في الجامعة. أما الهم الثالث، فكان التقاط صورة مع العماد عون، والعودة بها مفتخرين إلى الجامعة والمنزل.
ووسط بعض الفوضى، أطل العماد السبعيني رافعاً شارة النصر العوني، فتكرّر المشهد نفسه الذي يحصل دائماً حين يلتقي عون وأنصاره. يقطعون أحاديثهم، يتدافعون إلى الأمام، يوزعون أياديهم بين التصفيق ورفع شارة النصر والصفير، ثم تبدأ الهتافات. يقفزون عالياً، يصرخون «عونك هز الدني»، «حرية سيادة استقلال»، وشعارات أخرى يظن البعض أنها أسقطت من قاموس العونيين السياسي. حضر معظم رؤساء الهيئات الطالبية، وبدا «المستقلون» أكثر حماسة من الرؤساء العونيين.
«الجنرال يريد الكلام»، فيصغي الجميع بانتباه، لكن عون لم يكن يرغب في الكلام السياسي المباشر، أراد أن يكون أقرب من شباب يكبرهم بخمسين عاماً. بان الفرح على وجهه، وراح يتحدّث بهدوء كأب. هنأهم على «النجاح الكبير» الذي حققوه، ونبههم إلى أن يعرفوا أن «لا الفوز يجب أن يجعلنا ننام، ولا الخسارة يجب أن تجعلنا نيأس. علينا أن نبذل دائماً جهوداً متواصلة لننجح في أي من ميادين الحياة». ثمّ فاجأهم بالطلب منهم كجيل صاعد أن يكونوا «قوة استمرارنا بشرياً وإنسانياً وقيادياً وسياسياً، فأنتم ستأخذون مكاننا وعليكم أن تنخرطوا في الحياة العامة. فالأجيال القيادية في المستقبل يجب أن تفرز منكم، لذا آمل أن تكونوا متابعين ومعنيين بكل ما يحصل على مستوى الوطن والبلد ككل». تبسّم الطلاب، التفتوا إلى بعضهم بثقة.
انتقل عون بعد ذلك إلى الكلام السياسي. فأشعرهم بلهجة خاصّة أن نجاحهم «كان المؤشر الأول الى أن خياراتنا السياسية هي الصحيحة، وأنتم ستكونون جيل السلام والمستقبل الزاهر». ينتهي اللقاء بازدحام لالتقاط صورة مع «القائد». وفي تلك الثواني السريعة، يحاول الطلاب اختطاف كلمة خاصة أو ابتسامة منه، يعودون بها أشخاصاً آخرين، لديهم الكثير ليرووه.
غ. س.