غسان سعود
تتوقع أوساط في المعارضة احتدام السجال السياسي حول تغيير الحكومة في الأيام المقبلة، انطلاقاً من رفض استمرار ربط المواقف من القرارات المصيرية باتهامات الارتباط بسياسات إقليمية، وتحديداً سوريا، وخصوصاً أن تهمة «السورنة» وجهها هذه المرة مباشرة إلى العماد ميشال عون «الناطقون المسيحيون باسم تيار المستقبل». وترى هذه المصادر أن التيار الوطني الحر «لن يكون قادراً هذه المرة على استيعاب التجريح القاسي الذي مارسه في حقه مسيحيو الأكثرية الحاكمة، واتهامه بأنه يتحرك بالريموت كونترول وفق أمر عمليات سوري». فيما تعلم الأكثرية، بحسب المصادر نفسها، بأن تأثير سوريا في الموضوع الداخلي على حزب الله نفسه يكاد يكون معدوماً، مشيرة إلى «التزام حزب الله على طاولة الحوار بالمحكمة الدولية وترسيم الحدود، وهي أمور وضعها الرئيس السوري بشار الأسد في خانة العمالة لإسرائيل». أما أتهام التيار وقائده بـ «السورنة»، وفقاً للمصادر، فهو «باطل، إذ لم يكن يوماً تنسيق أو حتى أية علاقة بين التيار والنظام السوري أو مخابراته».
وقالت المصادر إن قياديي الأكثرية النيابية «اخترعوا قصة راجح جديدة للرأي العام، تصور له مشروع التغيير الحكومي المطلوب لتحصين الساحة الداخلية، وكأن هدفه ضرب الإنجازات السيادية التي حققها لبنان، فعادوا للمعادلة التي خاضوا الانتخابات النيابية على أساسها وتقوم على إجبار اللبنانيين على الاختيار بين السيادة أو الشراكة والتوازن في النظام. وسيعمل التيار الوطني الحر وحزب الله في المرحلة المقبلة على تكثيف التصويب ضد هذا المنطق لإلغائه نهائياً من التداول». ويشير أحد نواب المعارضة إلى أن مسيحيي الأكثرية النيابية «يسوّقون أن التغيير الحكومي سيؤدي إلى ثلاث سلبيات على صعيد إنشاء المحكمة الدولية، وانتشار الجيش وحصر السلاح في الجنوب، وتهمة إنشاء الدويلة داخل الدولة. وهذه جميعها تخطاها القرار 1701. فالمحكمة لم تعد خياراً، بل التزام أجمعت عليه طاولة الحوار. ويطالب بها التيار على خلفية كل الجرائم منذ 15 سنة. أما انتشار الجيش فحدد دوره عبر القرار نفسه الذي أتى نتيجة صمود التركيبة اللبنانية، لا مفاوضات رئيس الحكومة فقط . ولولا المناخ الإيجابي الذي شكل التيار الوطني الحر أساسه، وتأييد حزب الله لخطة السنيورة، لما أمكن الوصول إلى هذه النتيجة. أما مرجعية الدولة اللبنانية بالنسبة إلى لتيار فلا لبس فيها، وحواره مع الحزب قام على خلفية التفاهم على مشروع الدولة».
وأبدى النائب إبراهيم كنعان استغراب تكتل التغيير والإصلاح رد الرئيس فؤاد السنيورة على مبادرة التكتل في طلب تنفيذ اتفاق الطائف والدعوة إلى تشكيل حكومة وفاق وطني، «وإذا بالرئيس السنيورة يتجاوز الأصول ويتهم العماد عون وما يمثل في المجلس النيابي وخارجه بتنفيذ رغبات خارجية. ويستعمل عبارات تكاد تصل إلى حد التحقير، إضافة إلى ما تضمنه رده من معان سياسية تختصر تضحيات جميع اللبنانيين، واحتضان بعضهم لبعض، والصمود العسكري لحزب الله بالقول إن المفاوضات التي تولتها الحكومة هي التي أدت إلى الحل، ومحاولة توظيف النجاح اللبناني لمصلحة تيار المستقبل، تماماً كما خطفوا إنجاز الشعب اللبناني في 14 آذار».
فيما أشار النائب عباس هاشم إلى أن الأسابيع المقبلة «ستكون حاسمة على مستوى إسقاط الحكومة تحت وطأة غضب المواطنين الذين سيترجمون حقيقة الديموقراطية». ورأى الهاشم أن السنيورة «ارتكب المعصية» في مؤتمره الصحافي الأربعاء الماضي، «ولا يُمكن الاستمرار في الاستقواء بالخارج لإلغاء خصوم الداخل. فهذه الذهنية التي تراكمت في عهد الوصاية السورية لا تصلح لعهد الوصاية الأميركية».