غسان سعود
بعد «ستار أكاديمي» و«الوادي» و«سوا»، كان يمكن للبنانيين أن يحظوا بمتابعة برنامج جديد ومشوّق من برامج تلفزيون الواقع، لو سمح الرئيس نبيه بري بتثبيت كاميرات في غرف مبنى البرلمان وأروقته. ماذا جرى في الليلة الأولى من «برلمان أكاديمي»؟
بدأ الاعتصام الاستثنائي غريباً، وساهم في رفع عدد زائري وسط بيروت في اليومين الماضيين رغبة من المواطنين بمشاهدة المعتصمين عن قرب، علماً أن النواب لم ينصبوا خيماً في ساحة النجمة، ولم يضعوا أجهزة تبثّ أغاني ثورية، ولم يكتبوا شعارات على الكرتون ليرفعوها أمام وسائل الإعلام، بدا اعتصامهم كأيّ يوم آخر. وصلوا في سياراتهم الحديثة، مرتدين ملابس فائقة الأناقة كالعادة، باستثناء النائبين نبيل نقولا وعلي عمار اللذين استعاضا عن بذلاتهم، بثياب عادية ذات ألوان «سياسية»، فارتدى الأول قميصاً برتقالياً والثاني قميصاً أصفر. بدا بعضهم وكأنه يبحث بجدّ عن إعلامي «شاغر» لكي «يطلّ على الشعب اللبناني».
في الداخل، أسهب النائب سيرج طورسركيسيان في الشرح لزملائه (خلال الجلسات خصوصاً) عن تقنيات هاتفه الخلوي ومزاياه. النائب جورج عدوان كان يحمل حقيبة عليها رسم العلم الأميركي، جهد في محاولة إخفائه. واستفسر من صحافية تعمل في قناة المنار عن الأسلوب الأفضل للتعبير عن الاحترام إذا كان السلام باليد محظوراً، فأجابته بابتسامة أن أوروبيي القرن التاسع عشر كانوا خبراء في هذا الأمر.
نواب من تكتل الإصلاح والتغيير يحملون فرش الإسفنج من صناديق سياراتهم لتلتمع فلاشات المصورين. بعدها تعود الفرش الى الصناديق ويدخل النواب المجلس من دونها!
يتسلّل المعتصمون واحداً تلو الآخر إلى الـPLACE de L’ETOILE. النائبان علي عمار وعباس الهاشم توسّطا عدداً من الإعلاميين، وجذب عمار الموجودين بحديثه عن مآثر المقاومين.
عند الغداء، لم يأكل المعتصمون سندويشات، كما ينبغي، ربما، يفعل المعتصمون عادة، وإنما توزعوا على المطاعم: هادي حبيش تناول طبق «فيليه» من اللحم. فيما فضّل مصطفى هاشم «الكبة بالصينية». وعلى الطاولة القريبة منهما، جلس أغوب بقرادونيان وسمير الجسر وعبد اللطيف الزين وجواد بولس ونوّعوا في طعامهم بين اللحم المشوي والكبة بجميع أنواعها. وعند العشاء، تسلّل النائبان ابراهيم كنعان وجورج عدوان بعيداً عن مائدة الرئيس بري التي ضمّت أنواعاً مختلفة من «البيتزا». وقصدا مطعم البلد.
في الداخل من جديد. علي بزي يطالب بأسرّة تركّب فوق بعضها بعضاً، ويصر على التقاط صورة له داخل غرفة النوم فوق سرير، رغم أن موعده في النوم بعد يومين! بزي ينقل عن الرئيس بري «حزورة» قالها في حضور عمار حوري وهاغوب بقرادونيان ونوار الساحلي، مفادها «لماذا قصفت إسرائيل المنارة؟ لأن سائق الطائرة أرمني. طلبت منه القيادة قصف المنار، فقصف المنارة».
طور سركيسيان يثير من جديد مسألة اللحف، فيحذره بري من أن «الأتراك قادمون».
سهرة النواب مع الرئيسين بري وفؤاد السنيورة طالت حتى منتصف الليل، تبودلت خلالها نكات وقفشات، و«ضيّف» خلالها أكرم شهيب زملاءه فاكهة الصبّير بعدما وصلته سلة منها من أحد أبناء عاليه. وأثار تعليق كنعان على السنيورة جواً من الضحك، عندما قاطع نائب التيار الوطني الحر رئيس الحكومة الذي كان يؤكد أنه يعدّ موازنة الـ2007 بالقول: «مرتاح كتير دولة الرئيس، من قال لك إنك باق حتى الـ2007؟».
نواب تساءلوا عن موعد «مناوبة» زميلاتهم، وسأل أحدهم عما يمكن أن ترتديه النائبات خلال النوم. فيما علّق النائب بطرس حرب على دردشة خاصة بين كنعان وبيار دكاش بالقول: «أوعا شي جديد، بنرفع إيدينا وإجرينا!».
انتهت السهرة في مكتب بري ليتوجه النواب إلى الغرف المعدّة للنوم، وأثار لون أغطية الأسرّة بلبلة، وخصوصاً أن شهيب الذي سبق أن أكد لصحافي من «المنار» أنه ينام على كل الألوان باستثناء البرتقالي، لم يجد أمامه إلا سريراً بغطاء برتقالي. وحين همّ بعضهم بالقراءة قبل النوم، أخرج أحد النواب «ورق اللعب»، فانقسمت الغرفة الكبيرة فريقين: حرب وشهيب ضد عاطف مجدلاني وجان أوغاسبيان. وفيما كان مجدلاني يخلع الجاكيت، تبيّن أنها «دوبل فاس»: زرقاء من جهة وبرتقالية من الجهة الأخرى.
قرابة الثانية فجراً، يدخل شهيب إلى غرفة كنعان وعدوان اللذين كانا يتحدثان بصوت عال، فيخاطبهما: «أوعا تكونوا عم تحضّروا شي ورقة تفاهم، تفاهمكم بِِِعَوّر».!