برلين – غسان ابو حمد
أكّدت المستشارة أنجيلا ميركل موقف الحكومة الألمانية المتصلّب حيال مشاركة البحرية الألمانية في إطار القوات الدولية العاملة في لبنان، وكرّرت في كلمتها أمام البرلمان الألماني أمس، القول بأن «الحذر أفضل من التسرّع»، وأن «الانتظار عدة أيام أفضل من تعريض حياة الجنود الألمان إلى الخطر».
وفي لفتة مميزة إلى الأوضاع اللبنانية الصعبة، دافعت ميركل عن موقف الحكومة اللبنانية ودعت إلى احترامها، رافضة الأخذ بالانتقادات التي توجه إليها وتتهمها بالتردّد في اتخاذ القرارات.
ودعت المستشارة ميركل إلى متابعة الحوار السياسي في الشرق الأوسط، كما شدّدت على أهمية دور سوريا ودعت إلى الاستفادة من جميع المبادرات المطروحة لإحلال السلام والأمن في المنطقة وأيضاً من أجل إتمام عملية قيام الدولة الفلسطينيةوردّت المستشارة الألمانية على أحزاب المعارضة التي ترفض مشاركة الجيش الألماني في إطار القوات الدولية في لبنان، مؤكّدة على «ضرورة أخذ جميع الاحتياطات لمنع أي مواجهة عسكرية ــ حتى لو كانت غير مقصودة ــ بين الجنود الالمانيين والجنود الإسرائيليين».
وتجدر الإشارة هنا إلى تصريح كان قد أدلى به وزير الدولة غرنوت أرلر، لنشرات التلفزة الصباحية أمس، أكّد فيه مجدّداً موقف المانيا بطريقة واضحة، حيث قال: «لن تشارك القوات الالمانية إلا إذا وروت أجوبة واضحة من الحكومة اللبنانية، ردّاً على أسئلة طرحتها الحكومة الألمانية... فقط عند تنفيذ هذا الشرط تكون ألمانيا مستعدة لتقديم العون».
وفي الإطار اللبناني، دافع رئيس كتلة الحزب الاشتراكي الديموقراطي الحليف، بيتر شتروك، في كلمته أمام البرلمان الألماني عن موقف وزيرة التنمية هايديماري فيشوريك ــ تسويل التي تعرضت إلى انتقادات عنيفة من المجلس اليهودي المركزي بسبب زيارتها الأخيرة إلى لبنان ومطالبتها بلجنة تحقيق دولية للكشف على القنابل العنقودية التي استخدمها الجيش الإسرائيلي.
وقال شتروك، إن كتلة الحزب الاشتراكي ترفض الاتهامات التي وجّهها المجلس اليهودي المركزي للوزيرة فيشوريك ــ تسويل بالتمييز العنصري، وقال: «نحن كأصدقاء، يجب علينا التحدث بعضنا مع بعض بصراحة كاملة».
وفي موضوع تخصيب الذّرة في إيران، طالبت المستشارة الألمانية في كلمتها أمام البرلمان الألماني، المجموعة الدولية باعتماد «الصلابة والتصميم» في قراراتها لأنه ليس في وسع المرء الوقوف عاجزاً أمام حالات خرق إيران قرارات المؤسسة الدولية للطاقة الذرية، لكن ميركل أشارت في الوقت نفسه، إلى أن «باب التفاوض مع طهران لا يزال مفتوحاً ولا توجد أي تصورات لاستخدام القوة العسكرية».
وردّت الأحزاب المعارضة لمشاركة ألمانيا في إطار القوة الدولية على كلمة المستشارة الألمانية، فانتقد الناطق باسم «الكتلة اليسارية» النائب أوسكار لافونتين السياسة الخارجية للحكومة الألمانية واتهمها بالضياع والضلال وبتعريض ألمانيا للأعمال الإرهابية.
وقال النائب لافونتين في كلمته: «إن إرسال الجنود الألمانيين إلى جميع أنحاء العالم يمثّل دليلاً على الفوضى والضياع، وهذا الأمر سوف يعرّض البلاد إلى المزيد من الأعمال الإرهابية، خاصة أن الحكومة لا تملك حتى الآن أي مخطط واضح لمقاومة الإرهاب... إن السياسة الخارجية الألمانية متناقضة، وهي أثبتت في السنوات الماضية أنها تختار الاتجاهات العسكرية ولا تبالي بخروقات شرعة حقوق الإنسان... وها هي اليوم تغضّ النظر عن القنابل العنقودية التي رمتها إسرائيل في لبنان...».
وفي السياق ذاته، طالب الحزب الليبرالي الديموقراطي بعدم إرسال الجنود الألمان إلى مواجهة محتملة مع الجيش الإسرائيلي، بينما رأى ممثل حزب الخضر في كلمته، أن حدود الأمن في ألمانيا ليست جغرافيّة بل يجري التخطيط للإرهاب في أفغانستان والكونغو والشرق الأوسط... وطالب الحكومة الألمانية بتقديم تصور واضح لتطوير عملية السلام في الشرق الأوسط.