جورج شاهين
بالتأكيد لن يكون البيان الذي أصدره حزب الله اول من امس ردا على قوى الرابع عشر من آذار نهاية لمرحلة من الحرب الاعلامية بين الطرفين بقدر ما يشكل بداية لمرحلة جديدة من التراشق الاعلامي تؤشر الى ان ما بذل من جهود للملمة الوضع الداخلي ومقاربة الملفات المطروحة بهدوء لم تأت بالنتائج المتوخاة، كما انها لم ولن تنجح في ترتيب البيت الداخلي على هذا الأساس، وسط تنافس يقوم على حسابات متباينة من قبل الطرفين.
في حسابات فريق 14 آذار بعض الاتي:
- ان لبنان خسر الحرب، وهو منطق حكم مواقفها وتصرفاتها وما زال منذ الفترة التي واكبت وتلت صدور القرار 1701، وكاد هذا المنطق ان يضع حدا لـ“وفاق هزيل» كان قائما داخل الصف الحكومي في الأيام الأخيرة للحرب الاسرائيلية على لبنان.
- كانت هذه القوى ترغب في الحصول على«انجازات» ولو شكلية تسمح للأكثرية «بالتفوق السياسي» على القوى المناهضة لها، وقد سعت كثيرا الى ان تتضمن الفقرات التنفيذية من القرار الدولي اشارة الى اي من البنود السبعة، لكنها لم تنجح في ذلك وجاء ضمها الى الفقرات التمهيدية هزيلا لم يوفر لها ما املت به.
- اصراربعض الحكومة على وضع اليد مباشرة على ملف الاعمار، مهما كانت الكلفة، رغم اصرار آخرين على نفي مسؤولية الحكومة عن الحرب التي اندلعت، وتحميلهم كامل المسؤولية لحزب الله دون غيره في «استدراج» اسرائيل الى هذه الحرب التدميرية. وكل ذلك بهدف قطع الطريق على مساعدات خارجية سورية كانت ام ايرانية توفر لحزب الله القدرة على مواصلة امساكه بالساحة الشيعية خصوصا والجنوبية عموما. والا ما معنى الرفض العارم لمبادرة الحزب التعويض على المتضررين لاعادة البناء العاجل او كبدل ايجار ومفروشات طارئةالأصرار على اعتبار المقاومة قوة لها «قيادتها المركزية» في دمشق وطهران، والا فما معنى دعوتها المستمرة للعودة الى«بيت الطاعة» اللبناني وتسليم كامل اوراقها السياسية والمالية والعسكرية للحكومة، وكأن التمثيل الحكومي للحزب وحلفائه فيها غير محسوب؟.
في حسابات المعارضة التي يتقدمها حزب الله بعض الآتي:
- ان لبنان انتصر و ليس لايران او سوريا، وأن الأمر لا يتعدى في حساباتهم الحدود اللبنانية وان كانت له الأصداء الايجابية في اكثر من بلد عربي او اسلامي، وهو امر مرحب به، لكنه غير قابل للاستثمار داخليا.
- ان اي استثمار للنصر في الداخل له كلفته على الأكثرية والموالين قبل غيرهم، وهي كلفة باهظة قد تطيح بالكثير من عناصر التهدئة الهشة.
- يرفض الحزب وحلفاؤه سعي بعضهم عن قصد او غير قصد الى تأمين متطلبات اسرائيل من الحرب على كل المستويات الأمنية والعسكرية والدبلوماسية والتي عجزت عن الحصول عليها في الميدان، فكيف يمكن منحها اياها تحت شعارات مختلفة، ومنها الزام لبنان بخطوات لم ينص عليها القرار الدولي.
وعليه يبدو ان الحروب الداخلية قادمة وبسرعة غير متوقعة، وان الكلفة الباهظة محسوبة من الجميع ومن دون استثناء لكنهم يقبلون عليها مهما كان الثمن”.