غسان سعود
لم تكترث النيابة العامة الاستئنافية حتى اليوم بالإخبار الخطي الذي تقدم به المحامي ألفرد مراد بارود عبر مجلة “حقوقي” في شهر شباط 2006، لإزالة اللوحة الإعلانية العملاقة الموضوعة على واجهة سنتر “روميو وجوليات” على أوتوستراد الزلقا، وإزالة جميع اللوحات وسط الأوتوستراد، وخصوصاً أنها الطريق التي يسلكها يومياً آلاف المواطنين للذهاب إلى عملهم، ويسلكها أيضاً آلاف المتنقلين من جميع مناطق شمال وجنوب بيروت حتى شمال وجنوب لبنان في الاتجاهين لكونها طريقاً دولية وشريان المواصلات الرئيسي بين بيروت والمناطق الشمالية. ورأى بارود وفقاً للقانون أنه لما كانتإحدى مهام النيابة العامة هي حماية المواطنين من كل خطر عليهم ومنع حصوله إذا أخبرت به باكراً، ولما كانت هذه اللوحات مخالفة للقانون، ولما كانت تشكل خطراً جدياً وحقيقياً على سلامة جميع المواطنين المذكورين، ولما كانت التدابير الاحترازية والوقائية تدخل بصلب مهام ورسالة النيابة العامة الاستئنافية، لذلك، توجه بإخبار طالباً “إزالة جميع اللوحات المذكورة للخطر الحقيقي الذي تشكله على حياتنا وسلامتنا، وخصوصاً أن القوانين موضوعة لحمايتنا وحماية المجتمع. كما التحقيق مع كل الأشخاص الذين ساهموا بوضع هذه اللوحات والذين سهلوا وضعها بإعطاء تراخيص غير قانونية ومحاكمتهم وتحميلهم العطل والضرر وتكفيلهم غرامة عالية جداً تدفع بأمر المحكمة للجمعيات التي تعنى بالتوعية على حسن القيادة وتعمل من أجل تطبيق قانون السير”.
وتبين بوضوح، تغاضي النيابة العامة والقوى الأمنية في الانتشار الكثيف، وغير السليم، للإعلانات الضخمة في مناطق عدة، وخصوصاً على جانبي الأوتوستراد ووسطه، من منطقة الجديدة (قرب الدورة) وحتى مشارف نهر الكلب. ويبلغ عدد الإعلانات في هذه المسافة التي لا تزيد على كيلومترين قرابة ألفي إعلان، حيث علم أن نصفها تقريباً غير مرخص. وجرى غضّ النظر عنه نتيجة “صفقات”. وسجل خلال شهر الحرب في الفترة الممتدة بين 15 تموز و15 آب الماضي، وقوع سبعة وثلاثين حادث سير، قتل بسببها سبعة مواطنين، وأصيب أكثر من أربعين. وأوضح شربل علام، أحد الناشطين في جمعية “اليازا” أنهم يتمنون خفض عدد الإعلانات، وأن تُبعَد على الأقل عن إشارات السير، لأنها غالباً ما تجعلها غير مرئية، وهو ما يزيد من فوضى السير. ولفت إلى إعدادهم تنظيماً خاصاً بالإعلانات ضمن مسودة قانون السير الجديد الذي يُنتظر أن يناقشه المجلس النيابي بعد انتهاء إجازته الصيفية.
وتعتبر جميع اللوحات الإعلانية مخالفة لقانون الإعلانات القديم الذي ينص على ضرورة أن توضع اللوحات على بُعد 25 متراً من الطريق العام، علماً أن هذه المسافة مبالغ فيها. لكن لا يجوز، حسب المتخصصين في قوانين السير أن توضع اللوحات فوق الأوتوستراد وبمحاذاة أطرافه بشكل مباشر. فيما رأت “اليازا” أن توزيع اللوحات يشكل مخالفة جسيمة لقانون السير، الذي يمنع وجود أي جسم يشتت انتباه السائق على جانبي الطريق أو فوقه، فيعرضه للخطر. لكن “اليازا” أوضحت أن بعض الشركات تتبرع للبلديات لإنشاء جسر للمشاة، بشرط امتلاكها الحق بوضع الإعلانات عليه. وتجري مناقصات لافتة بين البلدية وشركات الإعلانات، فإما جسر مع إعلانات أو لا جسر، رغم أن جسر المشاة يُفترض أن يكون مكشوفاً للعالم، وخصوصًا أن البعض يخاف من السرقة والنشل.
وأوضحت بعض المصادر القانونية لـ “الأخبار” أن البلدية لا تملك حق تأجير مساحات تمنع المواطنين من الرؤية، وخير دليل على الانتهاك الفاضح لحق المواطنين وسلامتهم، يتمثل في جسر الـ “رويال” حيث يدخل السائق فجأة في نفق من الإعلانات، يسبب إرباكاً وأدى إلى وقوع عدد كبير من حوادث السير. وبعد أن تجنبت بلديات الزلقا وجل الديب وأنطلياس الإجابة عن الأسئلة التي طرحتها “الأخبار”، ورفضت تسهيل الوصول إلى فرقها الفنية، للاطلاع على سير الأمور، سرّب أحد الموظفين فضيحة غير مؤكدة، مفادها أن رسوم البلدية لا تتعدى مئة دولار على اللوحة الإعلانية، فيما تصل بعض الشركات إلى دفع ثلاثين ألف دولار لاستئجار لوحة واحدة. وتُوزع اللوحات على الشركات وفقاً للمحسوبيات. وثمة “مافيات إعلانية” تسيطر على السوق، وتوزع المغانم بعدل على الذين يؤمنون لها الغطاء.