برلين ــ غسان أبو حمد
قرّرت الحكومة الألمانية المشاركة في إطار القوات الدولية المرابطة على الحدود اللبنانية استناداً إلى قرار مجلس الأمن 1701، وذلك في إطار القوات البحرية بقوة مؤلفة من حوالى 2400 جندي وعدد من القطع البحرية والقوارب السريعة. وجاء قرار الحكومة الألمانية بعد توضيح من لبنان لبعض الغموض في حيثيات مهمة القوات البحرية وتحقيق شرط وصول طلب لبناني رسمي بمشاركة ألمانيا.
وقضى قرار الحكومة الألمانية بتحديد مهلة زمنية أولية لانتشار القوات الألمانية وهي لمدة سنة واحدة تنتهي في نهاية شهر آب من العام القبل، لكنها قابلة للتمديد بحسب الظروف.
وبعد موافقة الحكومة الألمانية أمس على المشاركة، تقرر أن يعقد البرلمان الألماني جلسة يوم الثلثاء المقبل لإقرار المشاركة. ومن المتوقع أن ينال قرار المشاركة أكثرية أصوات النواب، باستثناء الكتلة اليسارية برئاسة أوسكار لافونتين وبعض نواب الحزب الليبرالي الديموقراطي. وبعد موافقة البرلمان الألماني ترفع القوات البحرية الألمانية مراسيها لتصل إلى الشواطئ اللبنانية في غضون عشرة أيام تقريباًووصفت المستشارة الألمانية القرار الحكومي، بأنه «مهمة تاريخية لكونها المرة الأولى في التاريخ التي تتحمل القوات الألمانية فيها بوضوح واجب حماية وجود إسرائيل وواجب المساهمة في عملية السلام في الشرق الأوسط». وعلقت ميركل على القرار الحكومي بالموافقة على المشاركة البحرية في إطار القوات الدولية بالقول: «سوف نشارك.. ولم نعد متفرجين». وأضافت: «إنها مهمة تاريخية غير عادية». ويلاحظ أن ألمانيا اتخذت قرارها بإرسال جيشها إلى لبنان خلافاً للنصوص الدستورية التي تحظر دخول القوات الألمانية إلى «مناطق النزاع»، وهذا الأمر سيدفع بكتلة الأحزاب اليسارية والحزب الليبرالي الديموقراطي إلى رفض المشاركة الألمانية، لكن ذلك لن يغيّر في موازين القوى. وكانت المستشارة أنجيلا ميركل برّرت هذا الخرق الدستوري بأنه «لضمان أمن إسرائيل ووجودها المهدد»، إذ «لا يمكن لألمانيا في هذه الحال، المشاركة بتقديم المساعدات الإنسانية والحوارات السياسية فقط، متى كان السلام في الشرق الأوسط عرضة للاهتزاز».
وأكدت ميركل رداً على الصحافيين أن «خيار القوات البحرية لا البرية على الحدود اللبنانية ــ الإسرائيلية كان مقصوداً، أولاً، لمنع الجنود الألمان من إطلاق النار على الجنود الإسرائيليين، حتى ولو حصل هذا الأمر عن طريق الخطأ، وثانياً، لأن القوات البرية منتشرة حالياً في الكونغو». وأشارت ميركل إلى أن التردد السياسي الألماني والتأخير في اتخاذ قرار المشاركة العسكرية في الشرق الأوسط، كان سببه بعض الغموض في حيثيات القرار 1701 التي كانت بحاجة إلى توضيح لمساعدة لبنان وضمان استقرار الأوضاع. وأضافت المستشارة أنه إذا حصل تأخير فهذا الأمر مرده إلى الحكومة اللبنانية التي كان مطلوباً منها توضيح بعض النقاط وقد تعذر إتمام ذلك بسرعة، نظراً إلى وجود وزراء من حزب الله في عضوية الحكومة، وأن هذا الحزب بات يشكل «دولة داخل الدولة» (صحيفة دي فيلت).
وتجدر الإشارة إلى أن القوات البحرية الألمانية سوف تمارس مهماتها القيادية وإلى جانبها القوات الدنماركية والنروجية والسويدية في محيط 50 ميلاً من الشاطئ اللبناني لمنع تهريب السلاح إلى حزب الله.
ومن أبرز النقاط التي كانت بحاجة إلى توضيح مسألة المسافة البحرية المحددة لنشاط الأسطول الألماني، وصلاحية البوارج الألمانية بتفتيش القوارب المشتبه بها خلافاً لرأي قبطانها. وتجدر الإشارة إلى أن لبنان يطالب بأن يكون هذا النشاط العسكري البحري بعيداً سبعة أميال عن الشاطئ اللبناني (حوالى 13 كلم) وذلك حرصاً على السيادة اللبنانية، وقد بقيت تفاصيل هذا الخلاف في إطار السرية، بما في ذلك إمكانية السماح لضباط لبنانيين بأن يكونوا على متن بعض البوارج الحربية الألمانية لكن بصفة مراقبين. وما زالت هذه النقطة بحاجة إلى توضيح، وخصوصاً أن الجانب الألماني رفض تحديد ما إذا كانت صلاحية الضابط المراقب اللبناني تصل إلى حدود «نقض القرارات ورفض الأوامر» أم أن وجوده على ظهر البارجة الألمانية هو للاستشارة فقط!...
أما عن طبيعة وشكل العلاقة بين القوات الألمانية و الإسرائيلية، فتؤكد صحيفة «دي فيلت» أن «أي تحرك عسكري ألماني يتم بعد التشاور مع إسرائيل، لأن المطلوب هو منع تهريب السلاح إلى حزب الله».