يطرح امتداد الحركة العمرانية باتّجاه محيط نبع الهرمل الرئيسي في منطقة «رأس المال» احتمال تسرّب مياه الصرف الصحي إلى النبع. وما يزيد من فداحة الأمر أنّ هذا النبع يشكّل مع مجموعة من الينابيع الصغيرة القريبة منه المصدر الوحيد لمياه الشفة والريّ للمدينة
الهرمل ــ رامي بليبل

بات التلوّث أمراً مؤكداً في عدد من الأحياء السكنية في الهرمل بسبب شبكة توزيع مياه الشفة الخمسينية المهترئة. فالامتداد العمراني جعل التلوّث الشامل لمياه الشفة مسألة وقت لا أكثر ولا أقل. وذلك بسبب سرعة انتشار العمران في تلك المنطقة نظراً إلى موقعها المشرف والمميز، لا سيما بعد إنجاز أوتوستراد الهرمل ــ سير الضنية الذي سيحوّل المنطقة إلى أحد المداخل الرئيسية للمدينة. وسيضاعف ذلك انتشار الأبنية السكنية والمؤسسات التجارية والاستراحات فيها. وقد وجّه ناشطون بيئيون نقداً لبلدية الهرمل بسبب غض نظرها عن استمرار حركة البناء في محيط النبع، رغم وجود الكثير من الكتب المسجلة لديها والتي تدعوها إلى التشدد في هذا الأمرويتفاقم خطر التلوّث، لا بسبب الحركة العمرانية المتزايدة فحسب، بل بسبب الروتين الإداري والمحاصصة وفض العروض وما يتلازم مع ذلك من مناكفات تصب في خدمة هذا الزعيم أو ذاك. فتأخّر تلزيم مشروع الشبكة الجديدة لمياه الشرب، عدا عن التنفيذ السيّئ لجزء من شبكة الصرف الصحي، الأمر الذي دفع أبناء المنطقة والجمعيات الأهلية إلى محاولة التصدي للمشكلة جزئياً من خلال مدّ شبكتين لمياه الشرب والصرف الصحي، وبناء محطة لتكرير المياه المبتذلة. وترتفع الصرخة بحثاً عن حل يجنّب أبناء المدينة كارثة حقيقية ناجمة عن لجوء أصحاب المنازل المشيدة فوق النبع إلى إحداث حفر قريبة من منازلهم وتوجيه المياه الآسنة إلى داخلها. وتسمى «الحفر ذات القعر المفقود» نتيجة استخدامها من دون أي مواصفات تمنع تسرب المياه الملوثة إلى المياه الجوفية.
ويقرّ أصحاب المنازل المعنية بالمشكلة، مبدين استعدادهم لتحمل جزء من تكاليف الحل للحد من الخطر الناجم عن عدم وجود شبكة للصرف الصحي، مؤكّدين أن الفحوص المخبرية أثبتت عدم حصول التلوث حتى هذه اللحظة.
ويشرح رئيس جمعية أصدقاء الأرض والإنسان المهندس هشام مطر تفاصيل مشروع تكرير المياه المبتذلة العتيد الذي كان من المفترض أن يشرف فنياً على تنفيذه. ويقول إن هذه المشكلة هي أحد الأخطار التي تهدّد بيئة المنطقة، كالتصحر والمخالفات المرتكبة بحق نهر العاصي وبيئة الهرمل. ويناشد المعنيّين قمعها والإسراع لإيجاد حلول لها.
هذا المشروع حالت دون تنفيذه عقبات رغم من مرور أكثر من سنتين على تأمين الجمعية مبلغ 15 مليون ليرة لبنانية وافقت البلدية على زيادتها بسبب تغيير موقع التنفيذ. إلا أن المبلغ الذي يقبع في أحد المصارف لا تُعرف حتى الآن وجهته، وخصوصاً أن المبلغ سيصرف، كما علمت «الأخبار» من مصادر موثوقة، في مشاريع ومناطق أخرى رغم أن استحصاله جاء باسم المشروع إلى الهرمل.
رئيس بلدية الهرمل مصطفى طه أقر بالخطر الناجم عن امتداد الحركة العمرانية إلى محيط النبع. وأكّد أن البلدية صرفت مبلغاً لإتمام مشروع التكرير، وهي جادّة في حلّ المشكلة بالتعاون مع الخبراء الفنّيين، مشيراً إلى أنّ البلدية لم تعطِ سوى ترخيص واحد لبناء منزل يقع على مسافة كيلومترين عن النبع.
وبعيداً من التجاذبات الحاصلة بين أصحاب المنازل المعنية والبلدية وجمعيات بيئية، يرتفع صوت أهالي المدينة التي تعوم على المياه والتي لديها مشكلة مياه، ليسألوا المسؤولين متى يشرب أطفالنا مياهاً نظيفة؟ وما هو الحل السريع والنهائي لهذه المعضلة؟ وهل في نيّة المعنيين حل الأمر أم لديهــــم رأي آخــــر؟ أســــئلة بحــــاجة لإجابات سريـــعة عمـــلية لا خطـــابية، فـــهل مــن مجيب؟